قال جعفر: لقد ذكرت في
جميع الصيغ التي قرأتها السلام على النبي (ص) بصيغة
الخطاب.. ألا يمكن أن يكون ذلك خاصا بحياته؟
قال الصبي: نعم.. الخطاب
لا يكون إلا لحي حاضر.
قال جعفر: فهل ترى تبديلها
الآن يصيغة الغياب بدل الخطاب؟
قال الصبي: من كان بعيدا
عن محمد (ص) غائبا عنه معتقدا وفاته،
فلا حرج عليه أن يخاطبه بصيغة الغياب.. أما من كان محمد (ص) حيا قريبا حاضرا في قلبه.. فإنه لا يملك إلا أن
يخاطبه بما يخاطب به الحي الحاضر القريب([130]).
قال جعفر: هذه التحية..
فهل هناك غيرها؟
قال الصبي: من أدب المؤمن،
ومن شكر الله أن يصلي على رسول الله.. فهو واسطة الهداية، وسراج الدلالة..
قال جعفر: فما يقول؟
قال الصبي: لقد علمنا رسول
الله (ص) ما نقول.. فعن أبي مسعود
عقبة بن عامر قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله (ص) ونحن عنده فقال: يا رسول الله، أمَّا السلام فقد
عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلَّى الله عليك؟ قال: فصَمَتَ
حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله، ثم قال: إذا أنتم صليتم عليَّ فقولوا: (اللهم صلِّ
على محمد النبي الأُمي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك
على محمد النبي الأُمي وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك
حميد مجيد)([131])
قال جعفر: فما ترى من سر
الصلاة على رسول الله (ص) وآله؟
قال الصبي: الصلاة الكاملة
هي التي تربطك بالله، وبأهل الله.. وأعظم أهل الله وأقربهم إلى الله هو رسول الله (ص) وآله الطاهرون.. فلذلك ينضم المؤمن عند صلاته
[130] من الأدلة التي استدل بها العلماء على ترجيح رواية
الخطاب:
1- أن جميع رواة الأحاديث عبر العصور قد استمروا في
رواية صيغة الخطاب دون أن يقيدوها بحياة النبي ، ولو كانت حياته عليه الصلاة
والسلام قيداًً لها لذكروه.
2 - لم يُرو أن الرسول r قد علَّم المسلمين صيغتين: صيغةً
يقولونها وهو حيٌّ، وصيغةً يقولونها بعد موته، وإنما علمهم صيغة واحدة هي صيغة
الخطاب، ولم يأمرهم بتركها والأخذ بصيغة الغيبة إذا مات.
[131] رواه ابن خُزَيمة. ورواه أحمد والحاكم قريباً منه.