قال الصبي: أبى الله إلا
أن يقرب من تواضع له.. لقد قال رسول الله (ص): (أقرب
ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء)([119])، وقال:
(.. ألا وإني نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظِّموا فيه
الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمنٌ أن يُستجاب لكم)([120])
قال جعفر: فما سر قرب
الساجد من الله؟
قال الصبي: لأن من راغم
الشيطان، وراغم نفسه الأمارة بالسوء، ورفع كل الحجب التي تحول بينه وبين مولاه
استحق أن يقربه الله.
قال جعفر: فلم سن فيه
الدعاء؟
قال الصبي: الدعاء طلب..
والطلب لا يكون إلا من الفقراء والمساكين.. ولا يتحقق العبد بالمسكنة في موضع كما
يتحقق به حال سجوده.
قال جعفر: فما تحفظ من سنة
رسول الله (ص) في سجوده؟
قال الصبي: لقد أمرنا أعرف
العارفين بالله أن نقول حال سجودنا (سبحان ربي الأعلى)
قال جعفر: فما سر ذلك؟
قال الصبي: لا يعرف العبد
كمال علو مولاه إلا عندما يكون في أوضع أحوال عبوديته.. وذلك لا يتحقق في محل كما
يتحقق في السجود.
قال جعفر: فهل ورد في سنة
رسول الله (ص) غير هذه الصيغة؟
قال الصبي: أجل.. منها
(سبُّوحٌ قُدُّوسٌ ربُّ الملائكة والروح)، ومنها (سبحان ذي الجَبَروتِ
والمَلَكُوتِ والكِبرياءِ والعَظَمة)
ومنها (اللهم إني أعوذ
برضاك من سَخَطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ
[119] رواه مسلم والنَّسائي وأبو داود وابن حِبَّان.
[120] رواه مسلم، ورواه أحمد وابن خُزيمة وأبو داود وابن
حِبَّان باختلاف في الألفاظ.