responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 62
تتضمنها هذه المشاعر الراقية..

ولو أردت تشبيها يقرب لك صورة هذا.. ولله المثل الأعلى.. فإن مثاله مثال ابن له أب غني قوي ملك، وهو مع ذلك في منتهى الحزم بحيث لا يسمح حتى لولده أن يتجاوز حدوده، فإن هذا الولد بتذكره والده وما عنده من القوة يمتلئ أمنا.. وبتذكره غناه يمتلئ غنى، ويمتلئ بعدها كرما.. وبتذكره حزمه يمتلئ أدبا.. وهكذا تتنزل عليه مواهب الصفات بقدر ما اكتسب من المعارف.

أخذ الجمع يردد بصوت واحد (اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا، أو أجره إلى مسلم) ([66])

فسألت جعفر عنه، فقال: إن هذا الذكر يرجع بالأمر إلى أصله.. فالكون ليس قائما بذاته.. ولم يولد من فراغ.. بل هو من إبداع خلق مبدع..

قلت: إن هذه حقيقة لا شك فيها.. فما الحاجة إلى ترديدها كل حين؟

قال: لأن الغفلة تحمل بسيفها على الحقائق فتذبحها أو تجعلها مشلولة لا حراك لها.. وبذلك تأتي هذه الأذكار لتعيد لها الحياة.. وتعيد للكون صورته الجميلة التي ولد بها وعاش بها.

قلت: إن هذا الذكر ضم إلى الاستعاذة من الشيطان الاستعاذة من شر النفس.

قال: لأنه لولا مراعي النفوس ما استطاع الشيطان أن يوسوس.. إن الشيطان لا يمكن أن يؤدي وظيفته إلا أذا وجد نفسا راغبة أو راهبة، ووجد معها شجرة كالشجرة التي نهي عنها آدم.

قلت: هل يمكن للنفس أن تجر السوء إلى نفسها؟

قال: لا يمكن لأحد أن يجر سوءا لأحد أعظم من السوء الذي تجره النفس على صاحبها.. لقد قال الله تعالى يذكر هذا:﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ (البقرة:9)، وقال:﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (البقرة:57)، وقال:﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ (البقرة:90)، وقال:﴿


[66] رواه الترمذي وأبو داود.

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست