responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 498
يقول أبو ذر: كنتُ يومًا أمشي مع رسول الله (ص) في حرّة المدينة؛ فاستقبلنا جبل أُحُد؛ فقال: أبا ذر! قلتُ: لبيكَ يا رسول الله. قال: ما يَسُرّني أن عِندي مثل أُحُد ذهبًا تمضي علَيّ ثلاث ليال وعندي منه دينار، إلَّا شيء أَرْصُده لدَيْن.

لا تحسبوا أن ما قاله إنما هو كلمات عذبة وألفاظ يُتجمَّل بها؛ بل قال ما قاله عن عزيمة، ولم يُظْهِر للناس إلَّا ما كان يُكِنّه صَدْره ويعمل به مدّة حياته.

جاءه مرةً من البحرين ذهب وفضة وأموال جمّة؛ فأمر بوضع ذلك كله في فناء المسجد، ثم غدا علَى الناس يصلِّي بهم الصبح دون أن تقع عينه علَى ذلك المال في الجهة الَّتِي وُضِع فيها؛ فلما انصرف من الصلاة دعا الناس وطَفِق يوزِّع المال عليهم؛ حتى فرغ منه؛ فقام ينفض يديه وثوبه؛ لئلا يكون عَلِق بثوبه الطاهر شيء من غبار ذلك المال!

وجاءه من فدَك أربعة جمال موقرة بالطعام؛ فقضَى به بعض ديونه، وآتى منه بعض الناس، ثم سأل بلالًا: هل بقي من ذلك الطعام شيء؟ فأجابه بلال: لقد بقي منه شيء وليس هاهنا مَن يأخذ! فقال: لا أدخل بيتي ما بقي منه شيء! وبات تلك الليلة في المسجد، فلما أصبح بشَّره بلال قائلًا: إن الله قد وَضَعَ عنك ـ يعني: أنّ بقية الطعام قد قُسِّمت ولم يبقَ منه شيء ـ فشكر الله.

ودخل بيتَه ذات يوم بعد صلاة العصر علَى غير عادته، ولم يلبَث أن خرج منه؛ فاستغرب الناس ذلك؛ فقال لهم: إني تذكرت في الصلاة أن في بيتي شذرَة من الذَّهَب؛ فخشيتُ أن يجيء الليل وهي في بيت محمد!

ودخل بيته ذات يوم حزينًا كئيبًا؛ فسُئِلَ عن ذلك؛ فقال: يا أُمّ سلمة؛ إن ما جاءنا من الدنانير السبعة قد بقي في الفراش وقد حان المساء!

ومما يدلّ علَى زُهْده في الدنيا ومتاعها أنه في مرضه الَّذِي تُوفيَ فيه، كان يتقلّب علَى فراشه مِن شد المرض؛ فتذكّر وهو في هذِهِ الحالة أن في بيته دنانير؛ فأمر أن يُتصدّق بها؛ وقال: أيلقى محمد رَبّه وقد خلَّف في بيته دنانير؟!

هذَا بعض ما كان عليه في حياته من إنفاق المال والصدقة.

سكت قليلا، ثم قال: لقد رأيت النصوص المقدسة ترغب في الآخرة، وتزهد في الدنيا، وتحثّ علَى القناعةِ بالقليل منها، والكفافِ من العَيْش.. فرحت أبحث عن حياته في هذا الجانب.. فرأيت من ذلك ما ملأني بالعجب..

لقد كان محمد يقول: (ما لابن آدم من دنياه غير بيت يأوي إليه، وثوب يلبسه،

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 498
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست