responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 476
فقال محمد: (أصبت فالزم.. مؤمن نور الله قلبه)([1225])

وهكذا استطاع محمد أن يربي في أتباعه كل خلال الإيمان التي عجز كل المربين عن تربية أتباعهم عليها، بسبب ربطهم بحقيقة العالم وحقيقة الوجود.. فإذا بهم ينطلقون من القيود الضيقة التي تربطهم بالوجود الأدنى ليترفعوا عنها إلى الوجود الأعلى.

لقد قال القرآن مقارنا بين هذه الحياة والحياة الآخرة التي تنتظر كل البشر:﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (العنكبوت:64)

العبادة:

قال رجل من الجمع: عرفنا هذا، وقد شوقتنا للبحث فيه.. فحدثنا عن الجانب الثاني، والذي يرتبط بعلاقة الإنسان بربه.

قال: لقد وجدت أن كل الأديان لم تخلو من العبادة لله، لكن الأديان القديمة حَسِبَ أتباعُها أن الدِّين يطالبهم بإيذاء أجسامهم وتعذيبها، وأن الغرض من العبادة إدخال الألم علَى الجوارح، وأن الجسم إذا ازدادت آلامه كان في ذلك طهارة للروح ونزاهة للنفس.

وعن هذِا الفهم للعبادة نشأ التبتُّل عند الهنادك، والرهبانية عند المسيحيين، وابتدعوا من رياضات الجسم أنواعًا عجيبة، أشدها علَى الجسم أفضلها عندهم وأقربها إلَى الله في زعمهم: فمنهم مَن آل علَى نفسه ألَّا يغتسل طول حياته، وفيهم مَن يرفع إحدى يديه في الهواء ويبقَى كذلك طول عمره حتى تيبَس يده وتجفّ، وكان بعضهم يحبس نفسه ما استطاع وهو يحسَب أن ذلك من العبادة، ولا يزال في الهند مَن يتعلّق بشجرة منكِّسًا رأسه إلَى تحت.

ضحكت الجماعة المحيطة به، فقال: لا تضحكوا.. هذا واقع.. وهو ليس واقعا نشازا، بل هو واقع زاحم الحياة البشرية في كل عهودها.

قال رجل من الجمع: نحن في الهند.. ونحن لا نستغرب مثل هذا.. فحدثنا عن التشريعات التي جاء بها محمد لتبين للناس كيف يعبدون الله.

قال: لقد رأيت كل التعاليم التي جاء بها محمد، والتي امتلأت بها النصوص المقدسة التي جاء بها تركز على المعاني الروحية في العبادة دون مبالغة فيما يرتبط بها من طقوس.. لقد خاطب محمد أمته بقوله لها: (إن الله لا ينظر إلَى صوركم وأموالكم؛ بل


[1225] رواه البزار.

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 476
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست