responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 473
والظلام لا يُعَدّ شرًّا؛ لكنك إن تستَّرتَ به في جوف الليل لترتكب فيه السوء؛ فالشرّ هو عملك لا الظلام، وإن تواريتَ فيه لتعملَ صالِـحًا، أو أويتَ فيه إلَى الراحة والدّعة؛ فهو خير.

وقد خَلَقَ الله الأرض والسماء وبث فيها ما شاء من نعمه، ثم خلق الإنسان؛ ووهبه الحكمة البالغة والبصيرة النافذة والآراء السديدة؛ فنظر هذا المخلوق في الكون، وتأمّل حُسن تقويمه، وعجيب تنسيقه، وبديع نظامه؛ فمَلَكَه الإعجاب به، وملأ نفسه الاستغراب منه؛ فلم يتمالك أن انطلق لسانه قائلًا: ﴿ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ المؤمنون: 14)، ثم نادَى في خشوع وخضوع لرب العالمين: ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ (الأنعام:79)

وبجانب هذِهِ الطائفة من البشر طوائف أخرى؛ لم يكن لهم من بليغ الحكمة وسَداد الرأي وثاقب الفكر ما يُنقِذهم من جُحُود الله والكُفْر به؛ فالتبست عليهم حقائق العالم، واشتبهت لهم خواص الأشياء والقُوَى المودَعَة فيها؛ فجعلوا المادة عِلّة العالَم وسبب خَلْقه؛ وقالوا: ﴿ مَا هِيَ إلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلَّا الدَّهْرُ ﴾ (الجاثـية: 24)

إن العالَم لا يُضِلّ ولا يُغوي، ولا يُرْشِد ولا يَهدي؛ ولكن الإنسان هو الَّذِي يهتدي بسليم فِطْرَته وسَديد رأيه وسلامة قلبه، أو يَضِلّ بسوء تفكيره وخطل رأيه وقُبح تأمّله.. وإن شئتَ قلتَ: إن العالَم يَهدي مَن يهتدِي به، ويُضِلّ مَن يَضِلّ به.

قال رجل من الجمع: نحن نعرف أنه مع كون الإيمان بالله هو أصل أصول الإيمان إلا أن هناك فروعا تتفرع عنه تصور لنا الوجود وما فيه من أنواع الوجود.. وتصور لنا الزمن وما يختزنه لنا وللكون من أحداث.. فهل بحثت في ذلك؟

قال: أجل.. إن البحث في هذا طبع لا ينفك عنه الطبع.. وقد قلت لنفسي، أو قال لي عقلي: إن من أعظم الدلائل التي تدلني على الكمال النظري في هذا الجانب هو بحث الدين فيه وإجابته عن الأسئلة المرتبطة به.

قال الرجل: فهل بحثت في حظ الأديان منه؟

قال: أجل.. لقد ذكرت لكم أن الأديان نوعان: منها ما لا يعرف الله.. وهذا لم أبحث فيه.. لأن الأصل في مثل هذه الحقائق تفرعها عن المعرفة بالله.

وأما الثانية.. فقد بحثت في الكتاب المقدس الذي يؤمن به اليهود والمسيحيون.. فرأيت ما ملأني بالعجب..

لقد رأيت أنه مع ضخامة الكتاب المقدس، وكثرة أسفاره إلا أنه لم يولي هذا الجانب

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 473
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست