responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 472
في ذاته؛ بل في صفاته؛ وإنما علمنا ذاته الواحدة الموصوفة بالصفات الكثيرة بسبب رسالة محمد.

أما الأديان الأخرى؛ فقد جعل أتباعها اللهَ الواحدَ آلهةً متعدِّدة بتعدُّد صفاته؛ ولهذا بيّن الإسلام أحسن البيان بأن القُدُوس والخالق والملك والمؤمن والجبار والعزيز والمصوِّر والرحمن والرحيم هو الله.. وليس غير الله.

هذا عن الثاني.. أما الثالث.. وهو الأفعال ؛ فجميع النصوص المقدسة للمسلمين تخبر بأن الأفعال ـ وإن كانت كثيرة ـ فإن الفعَّال هو الله الواحد العزيز المُتعالِ.

قال رجل من الجمع، ويظهر من ملامحه أنه مجوسي من أتباع زرادشت، فقال: كيف تقول ذلك.. ونحن نرى الخير، والشر.. فهل يمكن للواحد أن يفعل فِعلَين متضادَّين؟

ابتسم السيد سليمان، وقال: يظهر لي أنك من أتباع زرداشت.. فأتباعه هم الذين عبدوا إلَـهَين اثنَين؛ أحدهما للخير والآخر للشرّ، وسَمَّوا مُسدي الخير (يزدان)، ومصدر الشرّ (أهرمن)، وتصوَّرا أن هذا العالم ساحة حرب يعترك فيها هذان القَرْنان المتصارِعان..

سكت الرجل، فقال سليمان: لا حرج عليك.. لقد مر في ذهني قبلك هذا السؤال.. لكني لم أستسلم لما يقتضيه مني، فأكتفي بما وصلت إليه.. بل رحت أبحث في حقيقة الخير والشر.. وهل الشر مقصود في الخلق أم أنه عارض فيه([1224]).

قال الرجل: فماذا وجدت؟

قال: لقد وجدت أنه لا يوجد شيء في الدنيا يصح أن يُطلَق عليه اسم الشرّ؛ فالنار لا شك أنها تحرق، ولكن الإحراق في نفسه لا يُعَدّ خيرًا، ولا يُسَمَّى شرًّا؛ فإن أوقدتَها لتُنضج عليها غذاءك، أو لتقتبس منها قبسًا تَصطلي به من البَرد؛ فإن عملك هذا هو الَّذِي يُعَدّ إحسانًا ويُطلَق عليه اسم الخير.. وإذا أضرمتَ النار لتحرق مأوًى يأوي إليه فقير بائس لم يرتكب ذنبًا؛ فإن عملك هذا هو الَّذِي يُعَدّ سيئة وشرًّا، بينما النار نفسها ليست بنفسها خيرًا محضًا لا شرّ فيه، أو شرًّا محضًا لا خير فيه، وأنتَ الَّذِي جعلتَها بعملك خيرًا أو شرًّا.

وهكذا السيف القاطع لا يُعَدّ خيرًا ولا شرًّا؛ بل أنتَ الَّذِي تتخذ منه ذريعة للخير أو الشرّ.


[1224] انظر تفاصيل هذه المسألة في رسالة (أسرار الأقدار)

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 472
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست