responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 47
وفر في نفسه الاستعداد لتنزله.. فراحوا يوفرون هذا الاستعداد.

وقرأوا قوله تعالى:﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ (العنكبوت: 45)، فعلموا أن الله لا يريد من العبادات صورها ولا طقوسها وجسومها، وإنما يريد منها ما تحمله من نفحات ذكره، كما قال تعالى:﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ (الحج: 37)

وقرأوا قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيرا﴾ (الأحزاب:41)، ً وقوله تعالى:﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ (آل عمران: 41)، وقوله تعالى:﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ﴾ (البقرة: 200) فعلموا أن التنزلات المعلقة على ذكر الله لن تنال إلا من أدمن على الذكر وأكثر منه.

وقرأوا قوله تعالى:﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما﴾ (الأحزاب:35)، فعلموا أن ذكر الله وامتلاء القلب به هو غاية غايات السالكين، فلهذا انتهت به الآية التي تصف مراتب المؤمنين.

وقرأوا قوله تعالى:﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ (لأعراف:205)، فعلموا أن الذكر لن يؤتي ثماره حتى يصاحبه التضرع.. ولن يصاحبه التضرع حتى يمتلئ به القلب والكيان، فلذلك طولب المؤمنون برفع أصوات قلوبهم وخفض أصوات ألسنتهم، فليس الشأن فيما ينطق به لسان الجوارح، وإنما الشأن فيما ينطق به لسان القلب.

وقرأوا قوله تعالى:﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (آل عمران:191)، فعلموا أن أكمل الذكر ما صاحبه الفكر، وأن الذاكر الكامل من لا يحجبه حال من الأحوال عن ذكر الله.. فهو يذكر الله على كل حالاته.

وقرأوا قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (المنافقون:9)، فعلموا أن أعظم الغبن، وأفدح الخسارة أن ينشغل الإنسان عن ذكر الله بأي شاغل حتى لو كان ماله وولده.

قال ذلك، ثم اقترب بنا من حلقة من الحلقات، أشار إلينا أن نجلس فيها، وجلس معنا، وقد كان المجتمعون في غاية الخشوع والرقة، وكانت الأنوار تحيط بهم من كل جانب، وكانت روائح غريبة تملأ المكان، وكأنها روائح من السماء لا من الأرض.

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست