ومنها كتب
المغازِي. ومعظم ما فيها ذِكْر الغزوات النبويّة، وقد تتضمّن أمورًا أخرى.
ومنها كتب التاريخ
الإسلامي العامّ؛ الَّتِي تبتدئ بالسيرة النبوية.
ومنها الكتب الَّتِي ألفت
في المعجزات؛ وتُسَمّى بكتب الدلائل.
ومنها كتب الشمائل؛ وهي
مقصورة علَى ذِكْر أخلاق محمد وعاداته وفضائله، وما كان يعمل في يومه من الصباح
إلَى المساء، وفي ليله من المساء إلَى الصباح.
ومنها الكتب الَّتِي
صنّفها بعض العلماء المتقدِّمين في أحوال مكة والمدينة البلاد التي سكنها محمد،
لقد ذكروا كل ما يرتبط بهذين البلدَين من بقاع وأماكن وأودية وجبال وخطط، وذكروا
مَن تولَّى إمارتهما، بادئين بكل ما له علاقة بمحمد..
نظر إلى الجمع، والابتسامة
تعلو محياه، وقال: أرأيتم ـ أيها الجمع الكريم ـ حتى الحجارة التي تشرفت بوطء محمد
قدمه عليها حفظ التاريخ ذكرها.. ولا يزال يحفظه.
قال ذلك، ثم استأنف يقول:
لم تكن تلك الكتابات مجرد أوراق مخزنة على الرفوف لا يلتفت لها أحد.. لقد وجدت
أنها الثقافة التي كانت تسود فترات كثيرة المجتمعات الإسلامية..
أضف إلى ذلك كله اهتمام
العالم كله بنشر كل ما يرتبط بمحمد.. وكأن هناك يدا خفية توجههم إلى ذلك.
لقد رأيت أن ما ألَّفه
الناس في سيرة محمد من عهد الرسالة إلَى يومنا هذا ـ في مختلف الأوطان الإسلامية
والأجنبية، في معظم لُغات العالم ـ يُعَدّ بالأُلُوف، واعْتبر ذلك بما صُنِّف
باللَّغة الأوردية الحديثة وحدها في موضوع السيرة النبويـة ـ مع أنّ الأوردية لم
تَصِر لغة تأليف إلَّا منذ قرنَين علَى الأكثر ـ ؛ وفي تقديري أن ما صُنِّف بها
وحدها في السيرة النبوية يبلغ ألفًا ـ إن لم يَزِد عليه.
ولم تكن الكتابة حكرا على
المسلمين.. بل هناك الكثير ممن ألَّف في سيرة محمد ممن لا يؤمِنون بنبوّته ولا
يوقِنون برسالته؛ فإننا نجد في الهند نفسها علَى اختلاف مِلَلها ـ من الهنادك
والسيخ والبرهمو سماج ـ كثيرًا من علمائهم قد ألَّفوا في سيرته.
أما الأوربيون ـ الَّذِين
لا يدينون بالإسلام ولا يؤمِنون بالرسالة المحمدية ـ فقد صنّف منهم في سيرة محمد
حتى المبشِّرون من دُعاة النصرانية والمستشرِقون عنايةً منهم بالتاريخ، وإرواءً لظمإهم
العِلْميّ، ويُعَدّ ما ألَّفوه في ذلك بالمئات.