responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 452
الأسماء التي ملأت علي عقلي، كما ملأت قبل ذلك سجلي أقول لها:

من منكم لديه الترياق الذي يضمن به فلاح الإنسانية؟

من منكم لديه الطاقة التي يستطيع بها أن يضع منهج صلاح الإنسانية وسعادتها؟

مَن منكم إذا اهتدى الناس بهديه يَنجون من المهالك، ويسلكون سبيل السعادة والهناء؟

مَن منكم وقف حياته علَى حل مُعضلات البشر، وكانَ حريصًا علَى عقد أواصر الإخاء بينهم علَى الحق والتواصي في الخير؟

لقد قلت لهم: هل يوجد فيكم ما يستعين به بنو الإنسان علَى تخفيف ما يُعانونه من الغمرات في حياتهم الاجتماعية؟ أم في أخلاقكم وأعمالكم ما ييسر للإنسانية الشفاء من أمراضها الخلقية وأوصابها النفسية؟ أم في دعوتكم ما يجلو صدأ القلوب ورينها، أو يرتق فَتْقًا في الحياة الاجتماعية؟

لم أجد أي إجابة على أي سؤال طرحته..

وقد أجابني جميع الشعراء والأدباء ابتداء مِن هوميروس، إلَى امرئ القيس.. فمن بعده من شعراء الأمم: بأنه لَم يكن منهم إلَّا إثارة كامن العواطف، وتنبيه النائم من الأفكار، أو إحداث لذة أو ألم في النفوس.. أما حل معضلات الحياة الإنسانية، وعويصات مشاكلها؛ فذلك أمر بعيد المنال.. وسبب ذلك بسيط.. وهو أنهم في سيرتهم وأعمالهم لا يُقَدِّمون للناس المُثُل الَّتِي تُحتذى، والأسوة الَّتِي يُقتَدى بهم فيها.

فتركتهم، ورحت إلى الفلاسفة والحكماء الذين بهروا العقول بفلسفتهم، وحاولوا تغيير تيار الحياة البشرية؛ فلم أجد عندهم ما يشفي غليلي..

لقد وجدت أرسطو؛ الذي وضع في فلسفة الأخلاق قوانين أَسَّسَ بنيانها، ووَطَّد أركانها، ولا تزال الجامعات وأساتذتها عاكفين علَى دراستها؛ ولا زال المثنون يثنون علَى ثقوب فكره، وبُعد نظره وحَصافة رأيه ورَجاحة عقله، ولكني ـ عندما بحثت عن أثره وتأثيره ـ لم أجد رجلًا واحدا اهتدى بدراسة فلسفته، أو وصل بها إلَى السعادة المنشودة.

وهكذا رأيت في الكليات المختلفة أفاضل من العلماء وفحول الأساتذة والمدرسين يُعْجِب الطلبةَ فصيحُ كلامهم، وبراعةُ بيانهم، وبليغُ حِوارهم، وعَذْبُ حديثهم، وهم يُؤَثِّرون فيهم بذلاقة ألسنتهم، واتساق أفكارهم، وترتيب معانيهم. لكنهم؛ لا تعدوا محاضراتهم جدران كلياتهم وقاعات محاضراتهم، وإذا خرجوا منها أصبحوا كعامة الناس

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 452
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست