قلت: فهل كان محمد
(ص) يرى البعيد قريبا، ويرى
في ظلام الليل الحالك؟
قال: أجل.. لقد وردت بذلك
الروايات الكثيرة، فعن ابن عباس قال: (كان رسول الله (ص) يرى بالليل في الظلمة، كما يرى بالنهار في الضوء)([847])
وقد أخبر رسول الله (ص) عن ذلك، فقال: (هل ترون قبلتي ها هنا، فوالله لا
يخفى علي ركوعكم ولا سجودكم، إني لأراكم من وراء ظهري)([848])
وقال: (إني لأنظر إلى ما
وراء ظهري كما أنظر إلى أمامي)([849])
وقال: (أيها الناس إني
إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود فإني أراكم من أمامي ومن خلفي)([850])
فهذه النصوص تفيد أن رسول
الله (ص) كان له هذه الطاقة([851]).. كما
كان له غيرها من الطاقات التي استدعتها الوظيفة الخطيرة التي أنيطت به.
قلت: حدثتني عن بصره،
فحدثني عن سمعه.
قال: لقد ورد في النصوص
المقدسة أنه (ص) كان له القدرة على سماع
ما لا يسمعه الحاضرون مع سلامة حواسهم.
لقد روي أن رسول الله (ص) قال: (تسمعون ما أسمع؟) قالوا: ما نسمع من شئ قال:
(إني لأرى مالا ترون، وأسمع مالا تسمعون، إني أسمع أطيط السماء([852]) وما
تلام أن تئط وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم)([853])
وحدث بعضهم قال: بينا
النبي (ص) على بغلة له إذ حادت([854]) به،
فكادت تلقيه وإذا
[847] رواه ابن عدي والبيهقي وابن عساكر عن عائشة،
والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس.
[851] حاول بعضهم تكلف سر ذلك، وهو من التكلف الممقوت، فزعم
أن أنه (ص) كان له بين كتفيه عينان
كسم الخياط يبصر بهما لا تحجبهما الثياب.وقال آخر: بل كانت صورهم تنطبع في حائط
قبلته كما تنطبع في المرآة أمثلتهم فيها فيشاهد أفعالهم.
[852] الأطيط: صوت الأقتاب وأطيط الإبل أصواتها وحنينها، أي
أن كثرة ما في السماء من الملائكة قد أثقلها حتى أطت.
[853] رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي ذر، وأبو نعيم عن
حكيم بن حزام.