قال
الصالحي: لقد كان رسول الله يفعل ذلك، يتألف قلوب
أصحابه.. فقد حدث بعض أصحابه قال: خرجت ذات يوم في حاجة، وإذا أنا بالنبي
يمشي بين يدي، فأخذ بيدي، فانطلقا نمشي جميعا.. فذكر الحديث([803]).
انصرف الرجل، ولم نسر إلا
قليلا حتى وصلنا إلى بيته.. وقد كان تحفة من تحف الجمال.. وقد وضع في بوابته بيتا
من الشعر يقول:
يا
ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل
ابتسمت، وقلت: أراك ـ بهذا
البيت من الشعر ـ ترسل دعوة عامة لكل غاد ورائح.
قال: لا يمتلئ قلبي سرورا
إلا بمن يدخل بيتي، ويأكل طعامي، ويتمتع بما أنالني الله من فضله.. فلا خير فيمن
يأكل وحده.. لقد كان ذلك سنة رسول الله (ص)، فقد
قال أنس: (كان رسول الله (ص) لا يأكل وحده)([804])
وقد فسر رسول الله (ص) قوله تعالى:﴿ إِنَّ الْأِنْسَانَ لِرَبِّهِ
لَكَنُودٌ﴾ (العاديات:6) بقوله: (الكنود: الذي يأكل وحده ويضرب عبده ويمنع رفده)([805])
دخلنا البيت، فوجدته باطنه
كظاهره تحفة من تحف الجمال، وقد زين بحديقة ملأها بأنواع الورود.. وقد كانت تفوح
بأجمل أريج عطر شممته في حياتي، فقلت: أراك تحب العطور؟
قال: وما لي لا أحبها، وقد
كان رسول الله (ص) يحبها([806])..
وكان (ص) كما وصفه الواصفون يكثر
التطيب، وتشتد عليه الرائحة الكريهة، وتشق عليه([807]).
وقد أخبر (ص) أن حب الطيب والتطيب من سنن الأنبياء، فقال: (أربع
من سنن الأنيباء: الختان والسواك والتعطر والنكاح)([808]) .. وكان
(ص) لا يرد الطيب، ويأمره
بعدم