قال: أجل.. لقد ذكرت أن
الوارث يختلف عن سائر الناس في إدراكه لأسرار ما يرثه من علم وعمل وحال.. لقد ذكر
لنا([753]) أن
العلم الحديث أثبت الفوائد الصحية التي يجنيها الإنسان بيقظة الفجر، وهي كثيرة
منها: أن أعلى نسبة لغاز الأوزون (3) تكون في الجو عند الفجر، وتقل تدريجياً حتى تضمحل عند
طلوع الشمس، ولهذا الغاز تأثير مفيد للجهاز العصبي، ومنشط للعمل الفكري والعضلي، بحيث
يجعل ذروة نشاط الإنسان الفكرية والعضلية تكون في الصباح الباكر، ويستشعر الإنسان
عندما يستنشق نسيم الفجر الجميل لذة ونشوة لا شبيه لها في أي ساعة من ساعات النهار
أو الليل.
وذكر لنا أن الاستيقاظ
الباكر يقطع النوم الطويل، وقد تبين أن الإنسان الذي ينام ساعات طويلة وعلى وتيرة
واحدة يتعرض للإصابة بأمراض القلب وخاصة مرض العصيدة الشرياني الذي يؤهب لهجمات خناق الصدر، لأن النوم ما هو
إلا سكون مطلق، فإذا دام طويلاً أدى ذلك لترسب المواد الدهنية على جدران الأوعية
الشريانية الإكليلية القلبية.
وذكر لنا أن أعلى نسبة
للكورتزون في الدم هي وقت الصباح حيث تبلغ (7 ـ 22) مكروغرام / 100 مل بلاسما، ومن المعروف أن الكورتزون هو المادة
السحرية التي تزيد فعاليات الجسم بالطاقة اللازمة له.
وبالإضافة إلى هذا كله،
فقد ذكر لنا الآثار الاجتماعية الناجمة عن هذا السلوك، ومنها أن المؤمن يستقبل
يومه الجديد بجد ونشاط، ويباشر أعماله اليومية في الساعات الأولى من النهار، حيث
تكون إمكاناته الذهنية والنفسية والعضلية على أعلى مستوى، مما يؤدي لمضاعفة الإنتاج،
كل ذلك في عالم ملؤه الصفاء والسرور والانشراح.
كان بجانب الفندق ساحة
تمارس فيها أنواع كثيرة من الرياضة، وكنت أقصدها ـ طيلة مكوثي فيه ـ كل مساء.. وقد
تعجبت من حرص أهل المدينة على ممارسة الرياضات المختلفة.
تقدمت ـ مرة ـ من بعضهم،
وقد كان شيخا كبيرا، ولكنه كان يعدو كعدو الشباب.. انتظرت حتى توقف، ثم سرت إليه،
وقلت: كيف تجري وأنت في هذا السن؟
قال: أنا أطبق سنة من سنن
النبي (ص).. وأنا أستحيي من الله أن
ألقاه، وقد ضيعت
[753] ) انظر: أبحاث الدكتور إبراهيم الراوي في مجلة
الحضارة العددان 6 ـ10