ذلك، ثم قال: بعد أن امتلأت قناعة بأن محمدا يستحيل أن يكون كاذبا أو مدعيا أو خادعا أو مستغلا
أو ظالما أو مستكبرا.. أو كل تلك الشبهات التي كانت تملأ أرجاء عقلي وقلبي([6])..
وبعد أن أيقنت أن محمدا (ص) هو الطهر والصفاء والسمو والرفعة رحت أبحث عنه،
وقلت لنفسي: من الخطأ العظيم أن تنشغلي بكل شيء، ولا تنشغلي بالبحث عن الذي لم
يتدنس بأي دنس، ولم يكدر بأي كدورة.
ولكني ـ بعد هذا اليقين ـ
لم أجد السبيل التي أبحث فيها عن رسول الله (ص)..
وزادني ألما ما عليه
المسلمون من تشويه لشخص نبيهم..
وفي ظل تلك الآلام ذهبت
إلى الغابة التي كنت أذهب إليها لأمسح من آلامي ما عساه يمكن أن يمسح.. وكنت أرجو
أن أجد فيها ذلك الذي لا ينطق لسانه إلا بالحكمة..
على عشب مروجها استلقيت
أنظر إلى الشمس.. وأقول لنفسي: لقد كانت كل رحلتي السابقة تطوف بحثا عن الشمس..
وها أنا قد وجدت من برد اليقين ما يدل عليها.. فأنى لي أن أصل إليها لأعرف حقيقتها
ودونها كل هول..
بقيت كذلك مستغرقا، إلى أن
شعرت بحركة قريبة مني، فوقفت لأنظر من هو، فوجدت صاحبك معلم السلام يقف أمام بركة
ماء صافية كصفاء اللآلئ، وهو يتأمل فيها مستغرقا في تأملاته.
اقتربت منه لأنظر ما الذي
شغله كل ذلك الشغل، فإذا بي أراه ينظر إلى الشمس على صفحة الماء الصافية..
لم يرفع رأسه إلي، بل بقي
مستغرقا في نظراته، وقال: ألا ترى كيف تحكي هذه المياه الصافية جمال الشمس؟
قلت: بلى.. بل هي تصورها
تصويرا بديعا يعجز أي فنان في الدنيا على محاكاتها فيه.
أخذ حصاة صغيرة ورماها في
البركة.. فأخذت الشمس التي كانت تزينها تتراقص مع الأمواج المتراقصة.
رفع رأسه إلي، وقال: ألا
ترى أن الشمس التي في البركة الآن تختلف عن الشمس