responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 142
الأصغر، وقد سميته على جد من أجدادي كان اسمه الباقر([345])، وهو رجل جمع الله له بين العلم والعبادة، وقد سألت الله أن يكون كجده عالما عابدا.. فلا خير في علم لا يصحبه عبادة، ولا في عبادة لا يصحبها علم.

قلت: لكنه لم يحينا.. أم أنك أهملت تأديبه في هذا؟

قال: لا.. أنا لم أهمل تأديبه.. ولا هو قصر في الأدب.. ولكنه ـ كما تراه ـ مشغول بالعوالم التي توحي له بها الكلمات.. فلذلك انشغل بها عن غيرها، أو غاب بها عن غيرها.. ولو رآك في غير هذه الحال لحياك وتعامل معك بما يقتضيه الأدب من المعاملات.

قلت: لا بأس.. فلنرجع إلى موضوعنا.. لقد عرفت أن الخضوع لا يعني إلا اكتمال الحرية.. وعرفت ـ بناء على ذلك ـ أن الإنسان الكامل هو الذي اكتملت له العبودية، لأنه لا تكتمل حريته إلا بذلك.. ولكني أرى القرآن يصف كل شيء بالعبودية لله.. ففي القرآن:﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)﴾ (مريم)، وبذلك يدخل المؤمن والكافر في هذا الشرف..

ومثل ذلك:﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ (الفرقان:17)، فقد اعتبرهم عبيدا له مع كونهم من أهل الضلال.

ومثل ذلك:﴿ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (الزمر:46)

ومثلها جميعا:﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ﴾ (آل عمران:108).. وغيرها من الآيات التي تنسب هذا الشرف لكل الكائنات.. والتي يدخل فيها صالحها ومنحرفها، وطيبها وخبيثها.. فأي امتياز بعد هذا لمحمد، ولمن ذكرت من الأنبياء والصالحين من وصف القرآن لهم بالعبودية؟

قال: العبودية ـ كما عرفت ـ تعني الخضوع المطلق.. فالطريق المعبد لا يكون معبدا إلا إذا كان مذللا بوطء الأقدام.. والعبودية بهذا تشمل كل شيء.. فكل ما خلق الله خاضع لله ابتداء وانتهاء.. وجودا واستمرار وجود.. فالله هو القيوم القائم بنفسه المقيم لغيره.. ومن كان بهذه الصفة كان عبدا لا محالة رضي أم لم يرض.

قلت: فما الشرف الذي ناله من ذكرت من العباد؟

قال: شرف الرضى بالعبودية.. وشرف السير الاختياري حسب مقتضياتها.. ففرق


[345] أشير به إلى الإمام الباقر أحد أئمة أهل البيت الكبار.

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست