responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 137
قال تعالى:﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ (يّـس:20)

قلت: لقد ظللت متعجبا من ذكر القرآن لجملة:﴿ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ﴾، فقد كنت أرى أنها نوع من الحشو مع أن القرآن ـ حسب معرفتي به ـ لا يميل إلى الحشو ولا الإطناب، بل هو يختصر الكلام اختصارا.

قال: إن القرآن الكريم بذكره لهذا يدلنا على شرط من شروط العبادة، فالعابد رجل([338]) اكتملت فيه الرجولة، فراح لا يبالي بشيء من أجل أن يمارس ما تتطلبه العبودية من حقوق.

قارن هذين الرجلين اللذين لم يقف في وجه ما أحسوا أنهم مطالبون به من عبودية لله بأولئك الذين راحوا يبحثون عن المبررات التي تقف بينهم وبين عبودية لله..

لقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم نماذج من هؤلاء، فقال ـ عند ذكره لمواقف الناس في غزوة الأحزاب ـ:﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14)﴾ (الأحزاب)

وذكر إخوانا لهم قعد بهم الكسل وما أوحت إليهم نفوسهم به من التهاون في طاعة الله والكسل عنها، فقال:﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19)﴾ (الأحزاب)

وفي مقابل هؤلاء ذكر أصحاب الخضوع المطلق لله.. أولئك ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ (آل عمران:173)


[338] نريد بالرجولة هنا معناها الشرعي، والذي لا يختص بالذكور، فهي تدل على جملة من الخصال الكريمة كنا قد أشرنا إليها في كتاب (العشرة الزوجية) من سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية) عند حديثنا عن معنى القوامة وشروطها، وفي اللغة ما يساعد على تعميمها على الرجال والنساء، كما قال الشاعر:

كلُّ جار ظَلَّ مُغْتَبِطاً غيرَ جيران بني جَبَله

خَرَقُوا جَيْبَ فَتاتِهم لم يُبالوا حُرْمَة الرَّجُله

وحكى ابن الأَعرابي أَن أَبا زياد الكلابي قال في حديث له مع امرأَته: (فَتَهايَجَ الرَّجُلانِ)، يعني نفسه وامرأَته كأَنه أَراد: (فَتَهايَجَ الرَّجُلُ والرَّجُلة)، فغَلَّب المذكر، وتَرَجَّلَتِ المرأَةُ صارت كالرَّجُل. انظر: (لسان العرب، مادة: رجل)

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست