قالت لي نفسي،
وبنفس القوة التي صرخت بها فيها: عالم الأنوار لا مزاحمة فيه.. ولا احتراق.. ومن
ظن أن هناك مزاحمة أو أن هناك احتراقا، فهو لم يخرج من نفسه الأمارة بالسوء.
قلت: فكيف أخرج من نفسي
الأمارة بالسوء لأصير محمدا؟
قالت: ذلك هو لباب العلوم
وأصلها وسر أسرارها، ومن ظفر به ظفر بالإكسير الأحمر الذي ينفخ في طين الإنسان روح
الإنسان.
قلت: في أي جامعة أتعلم
هذه العلوم؟
قالت: هذه العلوم لا تعلم
في الجامعات.. ولا في أي محل من محال الدنيا.
قلت: فكيف أصل إليها؟
قالت: بالبحث عن أهلها.
قلت: ومن أهلها؟
قالت: الورثة..
قلت: ومن الورثة؟
قالت: هم الذين لم يستظلوا
في الدنيا بغير أشعة محمد (ص).. أولئك هم الذين
نفخ فيهم روح الإنسان.. خليفة الله في أرضه.
قلت: وكيف أصل إليهم؟
قالت: عندما تمتلئ شوقا
إليهم ستصل إليهم.. وربما تجدهم أقرب إليك من نفسك.
***
ما استتم هذا الخاطر على
خاطري حتى سمعت صوت الغريب يناديني، فأسرعت أحث خطاي إليه، فقال: لقد كنت أحسبك
مشتاقا للحديث عن (النبي الإنسان)، فكيف تأخرت علي؟
قلت: لقد حبستني نفسي..
وكدرت علي صفوا كنت أجده، ونغصت نعيما كنت أتنعم به.
قال: كل صفو حبسك،
فالكدورة خير منه.. وكل نعيم قيدك، فالآلام خير منه.