قلت: فحدثني عنها.
قال: يمكنك أن تصنفها إلى ثلاثة أصناف.
الاستعاذة:
قلت: فما أولها؟
قال: الاستعاذة.. فبالاستعاذة تلتجئ إلى الله فارا من كل ما تخاف على نفسك منه.
قلت: فما أثر عن محمد في هذا الجانب؟
قال: لقد أثر عنه الكثير.. منه العام المطلق الذي يستغرق الحاجات الكثيرة.. ومنه الخاص المقيد بالحاجات المحدودة.
قلت: فعلمني من علوم ذلك ما أدرك به ما ذكرت.
قال: لقد استعاذ محمد (ص) من أشياء كثيرة، فقد استعاذ من الكسل، وسوء القضاء ودَرْك الشقاء، وشماتة الأعداء، وجَهْد البلاء، والعجز والهرم والمأثم والمغرم، وشر ما خلق الله، وضَلْع الدَّين وغَلَبة الرجال، وشر الغنى والفقر والقلة والذِّلَّة، وزوال النعمة وتحويل العافية، وفُجاءة النِّقمة وجميع سخط الله، والشِّقاق والنفاق وسوء الأخلاق، والجوع والخيانة، وعلماً لا ينفع وقلباً لا يخشع ونفساً لا تشبع ودعاءً لا يُسمع، وشر السمع وشر البصر وشر اللسان وشر القلب وشر المنيِّ، والهدم والتردِّي والغرق والحرق، وتخبُّطَ الشيطان والموت في سبيل الله مدبراً، والموت لديغاً، والبرص والجنون والجُذام وسئ الأسقام، ومنكراتِ الأخلاق والأهواء والأعمال.
قلت: فاذكر لي من الألفاظ التي نطق بها محمد، فإني ـ كما عرفتها ـ ألفاظ جامعة مانعة.. فقد أوتي من القدرة التعبيرية ما لا يضاهيه فيه أحد.
قال: سأدعو لك عليا ليحدثك بنصوصها.. فقد أوتي ذاكرة مكنته من حفظ الكثير من الأحاديث في هذا وغيره.
نادى جعفر عليا، فجاء، وقال ـ وكأنه كان يتنصت لما نقول ـ: تريدون أحاديث أعرف العارفين بالله في الاستعاذة بالله.
قلت: أجل.. فتعبير محمد (ص) تعبير جامع مانع.. ولا أرى أن هناك من يستطيع التعبير عن الحقائق بمثل أسلوبه.