responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 107
ما لم أكن أنتبه إليه، أو أستطيع بمداركي المحدودة أن أدركه.

وقد عرفت خلالها الأعماق التي تحملها تلك الأذكار.. ومدى التأثير الذي تحدثه في كيان من أدمن عليها، وأداها بالصفة التي كان يؤديها رسول الله (ص).

لقد قارنت تلك الأذكار المملوءة بالمعاني العميقة بما كنت تعلمته من سائر الملل والنحل، فوجدت البون بينها شاسعا.. فأذكار محمد (ص) أذكار تعرف بالله، وبكمال الله، وتتعامل مع الله بأدب رفيع، وشفافية عالية..

الخلوة:

في يوم من الأيام رأيت جعفر يعد زاده، ويضعه في مزود، ثم يهم بحمله، وكأنه على أهبة سفر، فسألته عن مسيره، فقال: لقد تعودت في مثل هذه الأيام من كل سنة أن أختلي في خلوة يجتمع فيها بعض أهل الله لنتفرغ فيها لذكر الله.

قلت: خلوة!؟

قال: أجل.. ذلك المحل الذي تطهر فيه النفوس، وتعالج القلوب، وتترفع الأرواح.. ذلك المحل الذي لا يذكر فيه إلا الله.

قلت: ولكنك وارث.. والوارث لا يفعل إلا ما فعله مورثه.

قال: والخلوة مما فعلها مورثي.. فهي أحد الوجوه التي ينفذ بها قوله تعالى:﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا﴾ (المزمل:8)، ففي الخلوة تنقطع القلوب إلى الله انقطاعا تاما بصحبة ذكر الله.

قلت: فكيف لم يفعلها محمد إذن؟

قال: ومن ذكر لك أنه لم يفعلها.. لقد كان (ص) يخلو بغار حراء يتعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء، ففي الحديث: (أولُ ما بُدِىءَ به رسول الله (ص) من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاءُ، وكان يخلو بغار حِراءَ؛ فيتَحَنَّثُ فيه ـ وهو التعبد ـ الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، ويتزود لمثلها، حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء)([213])

دخل علي علينا يحمل كتابا، وهو يقول ـ وكأنه كان يتنصت علينا ـ: لقد قال ابن أبي جمرة في شرحه لهذا الحديث: (في الحديث دليل على أن الخلوة عون للإنسان على


[213] رواه البخاري.

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست