قال الحكيم: سأذكر
لكم أربع تشريعات مرتبطة بهذا.. وسأترك لكم كل الفرصة لتبحثوا في جميع حروب الدنيا
لتجدوا نظيرا لها..
قال الحكيم: أما التشريع
الأول، فهو حرص الإسلام على المعاهدات التي تحفظ السلام.. وهو ما يؤكد حرص الإسلام
على السلام.
لقد رأيتم في عرضنا لغزوات
النبي (ص) ما وهبه الله من القوة
بعد غزوة الأحزاب.. بل كان يمكنه بعد فترة وجيزة من صلح الحديبية أن يفتح مكة..
ولكنه لم يفعل حرصا على المعاهدة التي أقامها معها.
ونفس الشيء حصل مع جميع
اليهود.. فلم يبدأهم (ص) بالحرب حتى
بدأوه.. ولم ينفذ فيهم بعد خيانتهم له إلا ما استوجبته قوانين العدالة التي
يرتضونها، بل التي أسس عليها كتابهم المقدس.
ولمّا أسرت قريش حذيفة
وأباه أطلقوهما، وعاهدوهما أن لا يقاتلاهم مع رسول الله (ص)، وكانوا خارجين إلى بدر، فقال رسول الله (ص): (انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم)
وقد ردّ النبيُّ (ص) أبا بصير للمشركين، وأبَى أن يقبله بعد أن عاد
إليه وفاءً بالعهد الذي بينه وبين المشركين.
والمؤمنون مع رسول الله (ص) في ذلك يتأدبون بما ورد في القرآن الكريم من الأمر
بالوفاء بالعهود.. قال تعالى:﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ
وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ
عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾
(النحل:91)، وقال تعالى:﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ
مَسْؤُولاً ﴾ (الاسراء:34)