تخريب
البلاد، وهلاك العباد.. ولم يكتفوا بنهب خيرات الشعوب التي استعمروها، ولا
باستذلالها وتسخيرها في مصالحها.. بل راحوا ـ فوق ذلك ـ وبعد خروجهم منها ينشرون
الفتن بين أهلها، ليكملوا ما بدأه المستعمر من خراب.
قال رجل من الجمع: عرفنا
الدوافع، ولا يشك أحد من الناس في شرفها، فقد ظل محمد في جميع حياته كما هو إنسانا
بسيطا أقرب إلى الفقر منه إلى الغنى.. وقد كان في إمكانه أن تبني له القصور، وينعم
بما نعم به المترفون، ولكنه أبى كل ذلك.. وليس ذلك من خلق المستبد أو المستعمر أو
الذي يغلب مصالحه على مصالح غيره.
قال آخر: اقتنعنا بهذا،
فحدثنا عن الآخلاق التي صاحبت تنفيذ محمد لما تتطلبه هذه الدوافع الشريفة.. فقد
تكون الدوافع شريفة، ولكن الطريق إليها خاطئ.
قال الحكيم: لقد عرفتم من
خلال ما سردنا من آيات القرآن، ومن خلال ما سردنا من حوادث السيرة أن محمدا (ص) اضطر إلى استعمال السلاح اضطرارا.. ومع ذلك، ومع
أنه أبيح له هذا الاستعمال إلا أنه أبيح مقيدا بقيود كثيرة ترفعه إلى مستويات
عالية لا نجد لها في تاريخ المبادئ مثيلا.