فقطعت يساره فاحتضنه وقاتل
حتى قتل ووجد فيه بضع وسبعون جرحاً ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح، ثم أخذ اللواء
عبد الله بن رواحة وتقدم به وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم
نزل عن فرسه وقاتل حتى قتل.
ثم أخذ اللواء ثابت بن
أقرم العجلاني البلوي حليف الأنصاري وكان من أهل بدر فقال: يا معشر المسلمين
اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت، قال: ما أنا بفاعل فاصطلحوا على خالد بن
الوليد.
ثم نظر إلى خالد بن الوليد
فقال: خذ اللواء يا أبا سليمان، فقال: لا آخذه، أنت أحق به، أنت رجل لك سن، فقد
شهدت بدرًا، فقال ثابت: خذه أيها الرجل فوالله ما أخذته إلا لك، فأخذه خالد الذي
قاد المسلمين إلى الانسحاب من المعركة بعد أن علم استحالة الاستمرار فيها.
قال دوج: ولكن ما سعى
المسلمون لتحقيقه في هذه الغزوة لم يتحقق.. لقد رضوا من الغنيمة بالإياب؟
قال الحكيم: لا.. لقد كانت
هذه الغزوة من أكبر الانتصارات التي من الله بها على المؤمنين.. ذلك أن مجرد
التفكير في مواجهة الروم في ذلك الوقت لا يخطر على بال أحد.. فلذلك كان لمجرد
التصدي لهم تأثيره العميق في كل المحيطين بالمسلمين.. ولذلك كانت هذه الغزوة مقدمة
لفتح مكة، وما تلاها من فتوح الإسلام.
قال دوج: ولكنهم لم يزيدوا
على أن انهزموا وأثبتوا فشلهم.
قال الحكيم: ليس بهذا
المنطق يحكم الخبراء على الانتصار والهزيمة.. تصور الحادثة لتعرف مقدار النصر الذي
حازه المؤمنون.. لقد كانت الروم في ذلك الوقت أعظم قوة في الأرض..