قال الحكيم: نعم.. فالنبي
هو الحكيم العدل الذي يضع الأمور في مواضعها الصحيحة.. إنه يمثل عدالة الله
وحكمته، كما يمثل رحمته وفضله.. وحكمة الله وعدله تقتضي المعاقبة على الجرائم..
قال دوج: وقد تقتضي العفو
عنها.
قال الحكيم: للعفو مواضعه،
وللعقوبة مواضعها.. لقد رأينا عفو النبي (ص) عن
بني النضير واكتفائه بإجلائهم عن المدينة.. فماذا فعلوا؟
قال رجل من الجماعة: لقد
كانوا سببا في تأليب الأحزاب على رسول الله (ص).
قال الحكيم: فالحكمة تقتضي
ـ إذن ـ أن يظهر القائد من الحزم ما يحمي به من يقوده.
سكت قليلا، ثم التفت إلى
دوج، وقال: أرأيت لو دخلت الأحزاب على المسلمين من جهة بني قريظة ماذا يمكن أن
يحصل؟
سكت دوج، فقال الحكيم: لقد
كان أهل المدينة جميعا ـ وهم آلاف مؤلفة ـ عرضة للذبح والقتل والأسر.. فكيف تستنكر
عقوبة من عرض هؤلاء لهذا؟
ثم لماذا تستنكرون هذا،
والقنبلة الواحدة من قنابلكم تلقونها على المدن والقرى.. فتحصد من البشر بل من
المدنيين أضعاف هذه الأعداد.. مع أن النبي (ص) لم
يقتل إلا المحاربين.
سكت قليلا، ثم قال: ومع
ذلك فقد كان بين يدي القرظيين سبل كثيرة للنجاة، ولكنهم ـ لكبرهم وعنادهم ـ أبوا
أن يسلكوها، وآثروا القتل عليها، بل تكبروا حتى على الاعتذار لرسول