فأمر رسول الله (ص) مؤذناً، فأذن في الناس من كان سامعاً مطيعاً، فلا
يصلين العصر إلا في بني قريظة.
وقدم رسول الله (ص) عليّ بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة وابتدرها
الناس، وكان عدد من خرج إلى القتال ثلاثة آلاف والخيل ستة وثلاثين فرساً.
دنا عليّ من الحصن، ومعه
نفر من المهاجرين والأنصار وغرز اللواء عند أصل الحصن، فسمع من بني قريظة مقالة
قبيحة في حقه (ص) فرجع حتى لقي
رسول الله (ص) بالطريق فقال: يا رسول
الله لا عليك ألاّ تدنو من هؤلاء الأخابث، قال: لِمَ؟ أظنك سمعت لي منهم أذى، قال:
نعم يا رسول الله، لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئاً، فلما دنا رسول الله (ص) من حصونهم قال:(يا إخوان القردة هل أخزاكم الله
وأنزل بكم نقمته؟)، قالوا: يا أبا القاسم ما كنت جهولاً.
ومرّ رسول الله (ص) بنفرٍ من أصحابه بالصوْرَين قبل أن يصل إلى بني
قريظة فقال:(هل مرّ بكم أحد؟)، قالوا: يا رسول الله قد مرّ بنا دحية بن خليفة
الكلبي على بغلة بيضاء عليها رحالة، عليها قطيفة ديباج فقال رسول الله (ص):(ذلك جبريل بُعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم
ويقذف الرعب في قلوبهم)
وحاصرهم رسول الله (ص) حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب..
فلما أصبحوا نزلوا على حكم
رسول الله a، فتواثبت الأوس فقالوا:
يا رسول الله إنهم موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي الخزرج بالأمس ما قد
علمت، وقد كان رسول الله a قبل بني قريظة
حاصر بني قينقاع، وكانوا حلفاء الخزرج فنزلوا على حكمه، فسأله إياهم عبد الله بن
أبي بن سلول فوهبهم له، فلما كلمه الأوس قال رسول الله a:(ألا ترضون يا معشر الأوس