أما أهل دومة
الجندل ففروا في كل وجه، فلما نزل المسلمون بساحتهم لم يجدوا أحداً، وأقام رسول
الله (ص) أياماً، وبث
السرايا وفرق الجيوش، فلم يصب منهم أحداً، ثم رجع إلى المدينة.
وبهذه الغزوة استطاع
المسلمون بقيادة رسول الله (ص) أن
يقفوا في وجه كل من تحدثه نفسه بزرع الرعب في نفوس الآمنين.
أشار الحكيم إلى سيف آخر،
وقال: لعل صاحبنا الفنان يشير بهذا السيف إلى غزوة الأحزاب.. فإن كان يريدها.. فهي
من الغزوات التي تبرر الخيار الذي اختاره رسول الله (ص) بالمواجهة الشديدة مع هؤلاء الذي لا يقنعهم سوى
المنطق الذي تفرضه السيوف.
وقد كان الهدف المعلن من
هذه الغزوة ـ التي خطط لها جميع أعداء رسول الله (ص) من
المشركين واليهود والمنافقين ـ هو القضاء على الإسلام قضاء كليا.
وقد بدأت المؤامرة بخروج
عشرين رجلاً من زعماء اليهود وسادات بني النضير([582]) إلى
قريش بمكة، يحرضونهم على غزو الرسول (ص)،
ويوالونهم عليه، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم، فأجابتهم قريش، وكانت قريش قد
أخلفت موعدها في الخروج إلى بدر، فرأت في ذلك إنقاذا لسمعتها والبر بكلمتها.
ثم خرج هذا الوفد إلى
غَطَفَان، فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشاً فاستجابوا لذلك، ثم طاف الوفد في قبائل
العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب له من استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود
[582] منهم سلام بن مشكم
ورئيسهم كنانة بن أبي الحقيق النضري وحييّ بن أخطب وهوذة بن قيس الوائلي وأبو عامر
الفاسق.