أشار الحكيم إلى سيف آخر،
وقال: لعل هذا السيف يشير إلى بعث الرجيع .. لا أظن إلا أنه يشير إليه.. إن هذا
البعث دليل على الخيار الصعب الذي اختاره رسول الله (ص)..
لقد كان بين قوم لا يرعون
حرمة، ولا يوفون بعهد.. بل يستعملون كل الوسائل لتحقيق المآرب التي يصبون إليها.
في شهر صفر من السنة
الرابعة من الهجرة قدم على رسول الله (ص) قوم من
عَضَل وقَارَة، وذكروا أن فيهم إسلاماً، وسألوا أن يبعث معهم من يعلمهم الدين،
ويقرئهم القرآن، فبعث معهم نفرا من أصحابه([577])، وأمر
عليهم مَرْثَد بن أبي مَرْثَد الغَنَوِي أو عاصم بن ثابت، فذهبوا معهم، فلما كانوا
بالرجيع([578]) غدروا
بهم واستصرخوا عليهم هذيلاً ليعينوهم على قتلهم، فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلا
الرجال بأيديهم السيوف، فأخذ عاصم ومن معه أسيافهم ليقاتلوا القوم، فقالوا: إنا
والله لا نريد قتلكم، ولكم عهد الله وميثاقه ألا نقتلكم، وقالوا ذلك لأنهم يريدون
أن
[577] ستة نفر في قول ابن
إسحاق، وفي رواية البخاري أنهم كانوا عشرة.
[578] وهو ماء لهُذَيلِ
بناحية الحجاز بين رَابِغ وجُدَّة.