قال رجل من الجمع: إن ما
تذكره من عدم حصول نزاع داخلي بين المسلمين مع توفر جميع دواعيه يدل على أن كل
النزاعات التي تحصل الآن بين المسلمين ليس لها أصل في الإسلام.
قال الحكيم: أجل.. فإن
المسلمين في ذلك الحين كانوا يسمعون المنافقين بل كانوا يرون منهم ما لو حصل بين
بعض هذه الجماعات الآن لاعتبروه من مبررات سفك الدماء.. ولكن المسلمين الذين رباهم
رسول الله (ص) على حرمة الدماء كانوا
أوسع صدرا من أن يقعوا في هذا.
قال دوج: ولكن أمر الرجوع
لم يخص ابن أبي ابن سلول وحده.. بل إني أعلم أن بني سلمة، وبني حارثة
قررتا أن ترجعا.. وفي ذلك دليل على تضعضع المسلمين.
قال الحكيم: لقد حصل بعض
ما ذكرت.. لا كل ما ذكرت.. فقد ثبت الله هاتين القبيلتين وعصمهما، ونزل في ذلك
قوله تعالى:﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ
وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)﴾ (آل
عمران)
وهذا لا يفهم منه ما
استنتجت.. وإنما يفهم منه شيء واحد هو ما تسمونه أنتم الآن بالديمقراطية..
لقد وفر (ص) لأصحابه ورعيته من الحرية ما لم يوفرها زعيم من
زعماء الدنيا.. فهل ترى زعيما من الزعماء يترك طائفة من جيشه، وهو أحوج ما يكون
إليها؟