المفتراة. لقد
نسوا أن محمدًا كان قبل أن يستهل رسالته موضع الإجلال العظيم من مواطنيه بسبب
أمانته وطهارة حياته. ومن عجب أن هؤلاء الناس لا يجشمون أنفسهم عناء التساؤل كيف
جاز أن يقوى محمد على تهديد الكاذبين والمرائين، في بعض آيات القرآن اللاسعة بنار
الجحيم الأبدية، لو كان هو قبل ذلك وحاشاه رجلاً كاذبًا؟كيف جرؤ على التبشير، على
الرغم من إهانات مواطنيه، إذا لم يكن ثمة قوى داخلية تحثه، وهو الرجل ذو الفطرة
البسيطة، حثًا موصولاً؟كيف استطاع أن يستهل صراعًا كان يبدو يائسًا؟كيف وفق إلى أن
يواصل هذا الصراع أكثر من عشر سنوات، في مكة، في نجاح قليل جدًا، وفي أحزان لا
تحصى، إذا لم يكن مؤمنًا إيمانًا عميقًا بصدق رسالته؟كيف جاز أن يؤمن به هذا العدد
الكبير من المسلمين النبلاء والأذكياء، وأن يؤازروه، ويدخلوا في الدين الجديد
ويشدوا أنفسهم بالتالي إلى مجتمع مؤلف في كثرته من الأرقاء، والعتقاء، والفقراء
المعدمين إذا لم يلمسوا في كلمته حرارة الصدق؟ ولسنا في حاجة إلى أن نقول أكثر من
ذلك، فحتى بين الغربيين يكاد ينعقد الإجماع على أن صدق محمد كان عميقًا وأكيدًا)([574])
وقالت: (دعا الرسول العربي بصوت ملهم باتصال عميق
بربه، دعا عبدة الأوثان وأتباع نصرانية ويهودية محرّفتين على أصفى عقيدة توحيدية.
وارتضى أن يخوض صراعًا مكشوفًا مع بعض نزعات البشر الرجعية التي تقود المرء إلى أن
يشرك بالخالق آلهة أخرى)([575])
وهي ترد بصدق وعلم على شبهة تعدد زوجات رسول الله (ص)، فتقول: (إن محمدًا طوال سنين الشباب التي تكون
فيها الغريزة الجنسية أقوى ما تكون، وعلى الرغم من أنه عاش في مجتمع