وهي تستدل بحفظه من التحريف على مصدره الإلهي،
قالت: (لا يزال لدينا برهان آخر على مصدر القرآن الإلهي في هذه الحقيقة: وهي أن
نصّه ظل صافيًا غير محرف طوال القرون التي تراخت ما بين تنزيله ويوم الناس هذا،
وأن نصه سوف يظل على حاله تلك من الصفاء وعدم التحريف، بإذن الله، مادام الكون)([569])
وقالت: (من حسن الطالع أن الجمود مرض لابدّ أن
يزول، بل إنه في الواقع شرع يزول في ما يبدو. فإلى الكتاب العزيز الذي لم يحرّفه
قط لا أصدقاؤه ولا أعداؤه، لا المثقفون ولا الأميون، ذلك الكتاب الذي لا يبليه
الزمان والذي لا يزال إلى اليوم كعهده يوم أوحى الله به إلى الرسول الأمي البسيط
آخر الأنبياء حملة الشرائع عليهم السلام، إلى هذا المصدر الصافي دون غيره سوف يرجع
المسلمون حتى إذا نهلوا مباشرة من معين هذا الكتاب المقدس فعندئذ يستعيدون قوتهم
السابقة من غير ريب. وثمة بيّنات قوية على أن هذه العملية قد بدأت فعلاً)([570])
وهي تذكر ما يتميز به القرآن الكريم من الجاذبية،
فقالت: (إن هذا الكتاب، الذي يتلى كل يوم في طول العالم الإسلامي وعرضه، لا يوقع
في نفس المؤمن أيما حسّ بالملل. على العكس، إنه من طريق التلاوة المكررة يحبب نفسه
إلى المؤمنين أكثر فأكثر يومًا بعد يوم. إنه يوقع في نفس من يتلوه أو يصغي إليه
حسًا عميقًا من المهابة والخشية. إن في إمكان المرء أن يستظهره في غير عسر،