فهو يشهد بالاحترام العظيم الذي ناله المسيح في
المصادر الإسلامية، وخاصة القرآن الكريم، فيقول: (للمسيح في القرآن مقام عالٍ،
فولادته لم تكن عادية كولادة بقية الناس، وهو رسول الله الذي خاطب الله جهرًا عن
مقاصده وحدث عن ذلك أول شخص كلمه، وهو كلمة الله الناطقة من غير اختصار على الوحي
وحده.. والقرآن يقصد النصرانية الصحيحة حينما يقول: إن عيسى كلمة الله، أو روح
الله، ألقاها إلى مريم وأنه من البشر.. وهو يَذمّ مذهب القائلين بألوهية المسيح
ومذهب تقديم الخبز إلى مريم عبادة ثم أكله وما إلى ذلك من مذاهب الإلحاد
النصرانية، لا النصرانية الصحيحة، ولا يسع النصراني إلا أن يرضى بمهاجمة القرآن
للثالوث المؤلف من الله وعيسى ومريم)([300])
وهو يرد على المقولة التي كانت تردد في ذلك الوقت
عن كون الدين أفيون الشعوب، بقوله: (سيكون القرآن حافزًا للجهاد يردده المؤمنون
كما يردد غيرهم أناشيد الحرب، محرضًا على القتال جامعًا لشؤونه، محركًا لفاتري
الهمم، فاضحًا للمخلّفين مخربًا للمنافقين، واعدًا الشهداء بجنات عدن)([301])
ويتحدث عن القرآن ومدى الجدية التي نالت حفظه،
فيقول: (كان محمد يعد نفسه وسيلة لتبليغ الوحي، وكان مبلغ حرصه أن يكون أمينًا
مصغيًا أو سجلاً صادقًا أو حاكيًا معصومًا لما يسمعه من كلام الظل الساطع والصوت
الصامت للكلام القديم على شكل دنيوي، لكلام الله