والخطيب
ورجل الدولة والمجاهد يبدو لنا بكل وضوح واحدًا من أقدر الرجال في جميع أحقاب
التاريخ. لقد نشر دينًا هو الإسلام، وأسس دولة هي الخلافة، ووضع أساس حضارة هي
الحضارة العربية الإسلامية، وأقام أمة هي الأمة العربية. وهو لا يزال إلى اليوم
قوة حية فعالة في حياة الملايين من البشر)([223])
وهو يثني على الإسلام ثناء عطرا، بل يعتبره منهج
حياة، فيقول: (الإسلام منهج حياة. وهو – بهذا النظر – يتألف من ثلاثة جوانب أساسية، الجانب الديني
والجانب السياسي والجانب الثقافي. هذه الجوانب الثلاثة تتشابك وتتفاعل، وربما
انقلب بعضها إلى بعض مرة بعد مرة من غير أن نلحظ ذلك)([224])
وذات مرة سمعته مع بعض القسس يتحدث عن المقارنة بين
المسيح ومحمد، وكان من ضمن أقواله هذه الشهادة: (لا سبيل إلى الموازنة بين محمد
رسول الإسلام وبين عيسى مؤسس النصرانية (في رأي النصارى). إن محمدًا لم يكن فيه
صفة ذاتية غير طبيعية ولا جاء مسيطرًا على البشر بقوة خارقة، ولكنه كان مبلغًا لرسالة
ربه. ويجب أن نذكر أن هذا الرأي هو الرأي الشرعي العلمي في الإسلام.. من أجل هذا
كله نجد المسلمين يأبون أن يسموا (محمديين) بالمعنى الذي يسمى به النصارى
(مسيحيين)، وهؤلاء المستشرقون المتأخرون الذين لا يزالون يطلقون هذه التسمية غير
المقبولة (الخاطئة) على المسلمين إطلاقًا هينًا يجب أن يعلموا أنه لا يحق لهم أن
يسمّوا أمة باسم لا تحبه. إن المسلم، في اللغة، هو الذي (أسلم نفسه لله) (خضع
لإرادة الله)، فالإسلام