الإسلام افترض مجتمعا سياسيا بعيدا عن الإنقسامات
العرقية والقبلية، وفى هذا المجال فإن الإسلام والنصرانية يتفقان فى الدعوة
العالمية بعيدا عن القبلية، وفى حين أن النصرانية قد حددت نفسها فى مفهوم (اعطوا
ما لقيصر لقيصر، وما لله لله)، إلا أن مفهوم الإسلام أوسع من ذلك، فقد دعا كل
الأمم أن يكون الولاء لله فقط.
وبذلك.. لتحقيق ما لم تحققه النصرانية.. فقد أضاف
الإسلام منظورا آخر فى تطوير الإنسان.. لقد دعا إلى مجتمع مفتوح عقائديا،
بالمقارنة مع المجتمعات المغلقة التى نشأت فى الماضى عرقيا وجغرافيا.
لقد أعطت رسالة الإسلام تصورا ومنحت البشرية حضارة
لا مكان فيها للقومية، لا مصالح شخصية، لا طبقية، لا كنيسة، لا كهنة، لا طبقة
نبلاء متوارثة، فى الحقيقة، لا شئ متوارث على الإطلاق ([202]).
من الأسماء التي رأيتها في دفتر الغريب في هذا
الفصل اسم (روجيه جارودي)، فسألت الغريب عنه، فقال: هذا اسم المفكر الفرنسي
المعروف، وأحد كبار زعماء الحزب الشيوعي الفرنسي، سابقًا، وهو رجل تتميز ثقافته
بالعمق والشمولية، والرغبة الجادة في البحث عن الحق مهما كان الثمن الذي يكلفه.
وقد أتيح له منذ مطلع الأربعينات أن يحتك بالفكر
الإسلامي والحياة الإسلامية، وقد ازداد هذا الاحتكاك بمرور الوقت، وتمخض عن اهتزاز
قناعاته المادية وتحوله بالتدريج إلى خط
[202] انظر: الإسلام
والغرب، الوجه الآخر، حسن السعيد.