وقد ترك تراثاً علميّاً زاخراً بالعمق والتنوّع،
منه: قواعد اللّغة التركيّة (1925)، والثورة التركيّة، والقوميّة العربيّة (1928)،
والأدب التركيّ الحديث (1931)، والتيّارات الحديثة في الإسلام (1932)، واكتشاف
الجزيرة العربيّة وسوريا والعراق وغزوها (1940)، ونهضة الثقافة العربيّة (1944)،
ودراسات في التركيبات اللّغويّة العربيّة (1954)، وابن الروميّ (1956)، وبين
المفكِّرين (1958)، ونحو أنوار الشرق، ومنتخب الشعراء العرب (1961)، وفي الثقافة الإسلامية،
وأدب المغرب (1964)، وكان يعدّ ثلاثة كتب عن: أدب الهجرة، والرحّالة العرب وابن
بطّوطة، وتاريخ الأدب العربيّ.
وقد شرفني الله بالالتقاء به والحديث معه عن سر
إسلامه، ومما ذكره لي قوله: (كان ذلك في عصر يوم مطير، وكنتُ ما أزال في سنّ
المراهقة، عندما كنتُ أقلِّب صحائف مجلّة مصوّرة قديمة، تختلط فيها الأحداث
الجارية مع قصص الخيال، مع وصف لبعض البلاد النائية؛ بقيت بعض الوقت أقلِّب
الصحائف في غير اكتراث إلى أن وقعت عيني فجأة على صورة لوحة خشبيّة محفورة استرعت
انتباهي، كانت الصورة لبيوت ذات سقوف مستوية تتخلّلها هنا وهناك قباب مستديرة
ترتفع برفق إلى السماء المظلمة التي شقّ الهلال ظلمتها..
ملكت الصورة عليَّ خيالي.. وأحسستُ بشوق غلاّب لا
يقاوم إلى معرفة ذلك النور الذي كان يُغالب الظّلام في اللّوحة.. بدأتُ أدرس
اللّغة التركيّة، ومن ثمّ الفارسيّة فالعربيّة، وحاولتُ أن أتمكّن من هذه اللّغات
الثلاث حتّى أستطيع خوض هذا العالم الروحيّ الذي نشر هذا الضوء الباهر على أرجاء
البشريّة.
وفي إجازة صيف قدر الله أن أُسافر إلى البوسنة وهي
أقرب بلد شرقيّ إلى بلادي. وما كدت أنزل أحد الفنادق حتّى سارعت إلى الخروج
لمشاهدة المسلمين في واقع حياتهم.. وقد خرجت