عليهم
كيانهم، فلم يرضوا لعروش قلوبهم المقدسة شمسا غير شمسه:
منهم ذلك الرجل الذي جاء إلى رسول الله (ص) ممتلئا حزنا، فقال له النبي (ص): (يا فلان مالي أراك محزوناً ؟) فقال: (يا نبي
اللّه شيء فكرت فيه)، فقال: (ما هو؟) قال: (نحن نغدوا ونروح ننظر إلى وجهك
ونجالسك، وغداً ترفع مع النبيين، فلا نصل إليك)([2])
ومنهم ذلك الرجل العظيم الذي جاء إلى النبي (ص)، فقال: (يا رسول اللّه! إنك لأحب إليَّ من نفسي،
وأحب إليَّ من أهلي، وأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت، فأذكرك فما أصبر
حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلتّ الجنة رفعتَ مع
النبييّن، وإن دخلتُ الجنة خشيت أن لا أراك)([3])
ومنهم ثوبان مولى رسول الله (ص).. فقد كان ـ كما يذكر الرواة ـ شديد الحب له (ص) قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل
جسمه، يعرف في وجهه الحزن؛ فقال له: (يا ثوبان ما غير لونك ؟) فقال: (يا رسول الله
ما بي ضر ولا وجع، غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك،
ثم ذكرت الآخرة وأخاف ألا أراك هناك؛ لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين وأني إن دخلت الجنة
كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل فذلك حين لا أراك أبدا)