هذه هي العبادة
التي جاء الإسلام بها ليحفظ الإنسان ويحفظ الأرض من الشذوذ الذي يريد فرضه هؤلاء
الدجالون..
قلت: إن كل ما ذكرته
جميل.. ولكن هل يتنافى ذلك مع التطور المادي العظيم الذي وصلت إليه هذه الحضارة.
قال: أنا لا أنكر على هذه
الحضارة تطورها المادي.. ولكن أنكر بطرها وكبرياءها وانحرافها بسبب هذا التطور..
إني أصيح في هذه الحضارة كما صاح هود:﴿
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ
لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130)﴾
(الشعراء)
فهو لم ينكر عليهم
اهتمامهم بالعمران.. ولكن أنكر عليهم ذلك الطغيان والشذوذ الذي وقعوا فيه بسبب ذلك
العمران.
لقد ذكر القرآن مثالا
لإنسان هذه الحضارة المملوء بالكبرياء بسبب أمواله.
قلت: تقصد قارون.
قال: أجل.. لقد نبهه المؤمنون
إلى الطريقة التي ينبغي أن يتعامل بها مع ماله، فقالوا:﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ
اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ
كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ
اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ (القصص:77)
لكنه أبى كما أبت هذه
الحضارة، وصاح كما صاحت:﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ (القصص:78)