إن إقامة الحياة
كلها - بكل ألوان النشاط فيها - على قاعدة أخلاقية مدارها تقوى الله وخشيته هي
الأساس الذي تقوم عليه الحضارة الإسلامية.
لتصير السياسة ذات أخلاق
قائمة على حكم الحاكم بالعدل والشورى والنصيحية، والتعاون على البر والتقوى، وعدم
التعاون على الإثم والعدوان.
ويصير الاقتصاد له أخلاق،
تبتعد به عن كل ما يتنافى معها من ربا واحتكار وغش وسلب ونهب، وسرقة وغصب، وأكل
مال الأجير، وأكل أموال الناس بالباطل، والشح بحقوق الفقراء والمساكين..
وتصير العلاقات الاجتماعية
ذات أخلاق قائمة على التواد والتحاب والتكافل، والتعاون على البر والتقوى، وحرمة
الدم والعرض والمال، وكظم الغيب والعفو عن الناس، والكف عن الغمز واللمز والغيبة
والنميمة والتجسس والاطلاع على العورات..
وتصير علاقات الأسرة ذات
أخلاق.. وعلاقات الجنسين ذات أخلاق.. والحياة كلها قائمة على قواعد أخلاقية رفيعة.
وتصير الفنون ذات أخلاق..
تلتفت إلى الجمال في الكون وفي الحياة البشرية وتعبر عنه في أداء جميل.. فنون لا
تزين الفاحشة لأن الفاحشة ليست جمالا ولكنها هبوط.. ولا تزين لحظة الضعف لأنها
ليست جمالا إنما هي لحظة غفلة عن إدراك غاية الوجود الإنساني، أو لحظة تقصير في
تحقيق ذلك الوجود. ولا تزين الانحراف والشذوذ لأنه ليس جمالا، وإنما هو نشاز نافر
عن الجمال، ولا تزين عبادة الشيطان وعبادة الهوى والشهوات، لأنها ليست جمالا،
وإنما هي حطة للإنسان الذي كرمه الله وفضله، وأراد له أن يتحرر من كل عبودية
زائفـة تزري بكيانه وتستذله.