الأفريقية
والآسيوية وغيرها.. بل إن هذه البلايين من الدولارات تصرف على الكلاب في أمريكا
رائدة الحضارة الغربية في الوقت الذي يعيش فيه الملايين من الشعب الأمريكى نفسه في
فقر مدقع.. فلو قدر لك أن تدخل حياً من الأحياء الفقيرة في مدينة نيويورك أو غيرها
من كبريات المدن الأمريكية ـ وخصوصاً الأحياء التي تقطنها أغلبية سوداء ـ لحدثتك
نفسك أنك في بلدٍ من أفقر بلدان العالم الثالث.. وما الدول الغربية الأخرى عن هذا
ببعيدة إن لم تكن أسوأ حالاً منها...
قال: هذه الحضارة قامت على
الصراع.. لقد بدأت بصراع الكنيسة، وانتهت بصراع الإنسان.. وهي الآن لا تزال
تصارعه.
وسبب ذلك أنها حضارة مليئة
بالمتناقضات([410]):
تناقض في الأفكار، وتناقض في القيم، وتناقض في المواقف، وتناقض بين الأقوال
والأفعال.
وأخطر أنواع تناقضها هو
ذلك التناقض بين ضجتها الصوتية العالية عن حرية الأفراد والشعوب، في الحين الذي
تسلك فيه كل السبل لفرض قيمها الخُلُقية، وتجربتها السياسية، ونظمها الاقتصادية،
بل ومعتقداتها الدينية على سائر شعوب الأرض، ووصم كل ما يخالفها، بل كل ما يتعارض
مع مصالحها، بكونه انتهاكاً للحقوق الإنسانية، أو إضراراً بالمصالح العالمية، أو
ممارسة للإرهاب، أو سبباً للتخلف، وما شاءت من تهم جائرة.
[410] الحضارة
الغربية: ضجة عن الحرية.. وممارسة للهيمنة الثقافية، أ. د. جعفر شيخ إدريس، رئيس
الجامعة الأمريكية المفتوحة، مجلة البيان.