قال: لقد توجه المسلمون
إلى الخطوط يصوغون منها أجمل اللوحات الفنية المعبرة.
قلت: ذلك لا يكفي.
قال: لكل شعب من الشعوب
طريقة تعبيره الفني.. وربما تكون لك بعض الأمور لا أهمية لها، ولكن في نظر آخرين
تكتسي أهمية كبرى.
الفن ـ يا صاحبي ـ أذواق..
والذوق ملك لصاحبه، والكمال في الفن هو استخدام الذوق لخدمة التربية النبيلة.
قلت: ولكن ما ذكرته من هذه
المعاني لم يحصل.. فأغلب الشعر العربي يضم مدائح كاذبة، ترفع البشر من الحكام
والقواد وزعماء القبائل والعشائر الى مصاف المثالية المغرقة، فجودهم كالبحر أو
الريح المرسلة، وشجاعتهم فوق التصور، وأخلاقهم لا مأخذ فيها، ولا ضعف في بنائها،
وبيانهم معجز لا ركاكة ولا إسفاف، ووجوههم مشرقة كالشموس أو البدور.. ومن هنا
يرمون الشعر والشعراء بالنفاق والكذب الصراح، والتزلف وإغفال جانب الجماهير في المطالبة
بحياة أسعد وأرغد..
قال: إن كل ما ذكرته
صحيح.. ولكنه يصب في صالح الفن الإسلامي، وفي خدمته لهذه الغاية العظمى من الفن
غاية التهذيب.
قلت: كيف ذلك؟
قال: ألا ترى أن فننا
يتوجه ليصور واقع المنحرفين كما هو بمجونه وصراعه وانحرافه.