أشار
(توماس) إلى بقعة أخرى في خارطة العالم القديم، وقال: هذه هي الهند.
قلت:
إنها معدن الحكمة، وينبوع العدل والسياسة، وأهل الأحلام الراجحة، والآراء
الفاضلة.. هكذا وصفها صاعد الأندلسي في طبقات الأمم.
قال:
ولكنها كانت في العهد الذي جاء فيه محمد على حافة الهاوية، كانت كتلك الشجرة
الذابلة التي رزقها الله إكسير الحياة.
لقد
اتفقت كلمة المؤرخين على أن أحط أدواره الهند ديانة وخلقاً واجتماعاً ذلك العهد
الذي يبتدئ من مستهل القرن السادس الميلادي، أي في العهد الذي تزامن مع مجيء محمد([18]).
لقد
اشتركت الهند مع جاراتها وشقيقاتها في التدهور الخلقي والاجتماعي، الذي شمل الأرض
جميعا في ذلك الزمن.. وأخذت نصيباً غير منقوص من هذا الظلام الذي مد رواقه على
المعمورة.
لقد
كان النظام الاجتماعي السائد هو نظام الطبقات الجائر المبالغ في جوره.. بل لم يعرف
في تاريخ أمة من الأمم نظام طبقي أشد قسوة، وأعظم فصلاً بين طبقة وطبقة، وأشد
استهانة بشرف الإنسان من النظام الذي اعترفت به الهند دينياً ومدنياً، وخضعت له
آلافاً من السنين.
[18] انظر هذه
التفاصيل في (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين)