لقد حاولت جهدها
أن تسير الموجة لصالحها، وتسيطر على الوضع بحيث تبقى عقائدها وتصوراتها تصبغ
الأدب، وتظل بصماتها بارزة فى فنه المنحوت والمرسوم، ولكن عوامل التحرر والانطلاق
كانت أقوى من حواجزها، واستطاع عصر النهضة أن يخطو خطوات كبيرة وجريئة للوصول إلى
علمانية كاملة للأدب والفن عليها قام الأدب العلمانى الحديث وارتكز([383]).
قلت: أراك تتكلم عن هذا
النوع من الفن باعتباره جاهلية.. ولكني بحسب ما أعلم هو الفن الذي تولى التعبير عن
العواطف الإنسانية العامة.. وربطه بالمبادئ الأخلاقية، ووظفه لخدمة الغايات
التعليمية واحترام التقاليد الاجتماعية السائدة.
قال: هذا ما يقال.. وفيه
بعض الحقيقة.. وفيه كثير من الباطل.. سأذكر لك بعض خصائص هذا التوجه لترى نواحي
الجاهلية فيه.
لقد كانت الخطوة الأولى
التي خطاها هذا النوع من الفن في انفلاته من الكنيسة هو إحياء الآداب الإغريقية..
حيث استطاع أدباء وفنانو النهضة النفاذ إلى عالم آخر خارج من مألوف عصرهم ولا أثر
فيه لشيء من اللاهوتيات.
لقد نفذوا أول الأمر من
كوة صغيرة، لكنها ظلت تتسع حتى انتفض بناء الكنيسة والتقاليد من أساسه، وطلعوا على
الفكر الأوروبى بمفاهيم جديدة ومعايير سبقوا بها النهضة الفكرية العقلانية، وذلك
ما يعده الفكر الحديث أعظم مآثر النهضة.
قلت: لقد وضعت معيارين
للحكم على الفنون، هما التوحيد والتهذيب.. فهل ترى هذا