تثير في النفس
ذكرى الموت والفناء، ونسمع القوم يصيحون (ليحي الله) فلا نرى للغرابة محلاً، ولا
نعجب لصيحاتهم وهم ينظرون إلى رمز الأبدية الدائمة، وقد تمثل أمامهم شيخاً هرماً
قد بلغ أرذل العمر، فكيف لا يخشون عليه من الهلاك والفناء، وكيف لا يطلبون له
الحياة؟ كذلك (يا هو) الذي يمثل به طهارة التوحيد اليهودي، فهم يجعلونه في مثل تلك
المظاهر المتهالكة تراه في متحف الفاتيكان ونسخ الإنجيل القديمة المصورة)([380])
والعجب أن أحد علمائنا
الكبار يقول مقررا: (لا يمكننا أن نفهم الله إلا عن طريق تصوره بالصور
البشرية)([381])
التفت إلي، وقال: أتدري
كيف تسربت هذه الوثنية إلى المسيحية؟
قلت: لا..
قال: لقد كان الهدف الأكبر
لمبشرينا هو إدخال أكبر عدد من الناس، ولو على حساب المبادئ والقيم والقوانين التي
تحفظ صفاء الدين.. وهذا ما تختلف فيه مع الإسلام اختلافا جذريا.
سأضرب لك مثالا على ذلك..
لقد دخلت بعض الجزر البريطانية في المسيحية.. وكانت شديدة التمسك بوثنيتها.. ودار
بينهم وبين الكنيسة صراع طويل، ولما رأى البابا (جريجورى) ذلك اصطنع اللين مع من
بقى في إنجلترا من الوثنيين، وأجاز تحويل الهياكل إلى كنائس بأن تحول عادة التضحية
بالثيران في يسر ولطف إلى ذبحها لأنعشهم لمديح الله، وبهذا كان كل ما طرأ على