لقد وفرنا لك مسكنا
لائقا، وسيارة فارهة، وأموالا سوف تصب كل حين في رصيدك.. وإن احتجت إلى أي نفقات
زائدة، فليس عليك سوى الاتصال بي.
قال ذلك، ثم التفت
إلى صليب كنت أعلقه ليشير إلى وظيفتي الدينية، فأمسكه بيده، ثم قبله، وقال: لا
أطلب منك سوى طلب واحد.
قلت: وما هو؟
قال: انزع هذا
الصليب..
قلت: لم؟
قال: لا تظهر أي
علاقة لك بالدين في هذه الجامعة.. نحن في جامعة علمانية، ولذلك حاول أن تكون علمانيا
في ظاهرك قدر ما استطعت، وخاصة أمام أولئك المرتدين الذين لبسوا لباس الموضوعية
العلمية، وتركوا الرسالة النبيلة التي كلفتهم بها أمتنا العظيمة.
***
خرجت من مكتبه،
فصحبني مرشد جال بي في أنحاء الجامعة، ثم أعطاني دفترا يعرفني بالمستشرقين الذين
يطلب مني الاتصال بهم والتعامل معهم، ثم سار بي إلى المسكن الفاره المعد لي.. ومعه
كل ما تهفو إليه النفوس من الحياة الرغيدة.
لقد ظللت في تلك
الجامعة سنة كاملة، رأيت فيها أشياء كثيرة، واستمتعت نفسي بنعم كثيرة.. لكني لا
أذكر منها إلا عشرة أيام..
لقد كانت تلك الأيام
العشرة هي الأيام التي تنعمت فيها بأشعة جديدة من شمس محمد (ص).. ولن أحكي لك في
هذه الرحلة إلا حكاية تلك الأيام العشرة.. أما ما عداها فأكثره لغو فارغ.