قلت: وما يضيرنا من
ذلك.. فهم إن لم يدخلوا بعدهم المسيحي أدخلوا بعدهم الإلحادي، أو بعدهم الوجودي،
أو أبعاد أخرى.
قال: ليت الأمر سار
على هذا النحو.. هؤلاء أدخلوا البعد الموضوعي.. لقد صاروا يتعاملون مع التراث
الإسلامي والفكر الإسلامي بموضوعية وحياد..
قلت: هذا بعد جيد..
قال: وخطير جدا..
قلت: ما خطره؟.. ما
داموا يلبسون ثياب العلم، ويتبنون التحقيق العلمي.
قال: لم تفهم إذن كل
ما قلت لك.
قلت: بل فهمت.. ولكني
لم أفهم خوفك من البعد الموضوعي.
سار في أرجاء القاعة،
وكأنه يهم أن يقول شيئا يخاف على نفسه منه، أو يخاف علي منه.
لكنه تحدى ذلك، وقال
بلسان متلعثم: البحث الموضوعي في تراث المسلمين خطير.. خطير جدا..
ثم قال، وكأنه يستعيد
ذكريات مر بها: سلني أنا.. لقد جربت في شبابي هذا النوع من البحث.. ولكني كدت
أحترق.. لقد كانت شمس محمد شمسا محرقة كادت تصليني بنارها..
لست أدري مدى صدق
قومه في إطلاق لفظ الساحر عليه.. ولكنه ـ معي ـ لا يوجد لقب أصدق منه.. لقد سحرني
كما لم يسحرني أحد من الناس.. ظللت دهرا من عمري منشغلا بالتفكير فيه، وفي الشجرة
التي تركها لترمي كل حين من الثمار ما يجعل وجوده حيا مستمرا.