قال ذلك، ثم صاح بنوع
من الهستيرية: إنها خيانة.. خيانة عظمى.. لو كنت حاكما عسكريا لحكمت على أولئك
بالشنق.. لا يجدي معهم غير الشنق.
التفت إلى نفسه، ورأى
خطأه في إظهار ما تكنه نفسه من ألوان الحقد، ثم ابتسم، وقال: اعذرني.. كنت أمزح
فقط.. لست أدري لم طغت لغة الحرب هذه الأيام.. صرنا لا نتكلم إلا بالمدافع
والأسلحة والقنابل.. لعل ذلك من تأثير وسائل الإعلام.
ثم قال: على العموم،
فقد كان هذا النوع الخطير من المستشرقين أفرادا محدودين، ومع ذلك كان لهم ذلك
التأثير الخطير.. ولكنهم ـ الآن ـ أمة من الناس.. هم الآن يتكاثرون كما تتكاثر
الطفيليات.. لهذا صار خطرهم أعظم.. ولهذا صرنا نفضل المستغربين على المستشرقين.
المستغربون جاءونا
أصلا لينسلخوا من هويتهم.. فلذلك نراهم يتزلفون كما لا يتزلف أحد.. أما أولئك
المستشرقون الأغبياء.. فهم لا يزالون يلقون أسلحتهم ليمدوا بها عدوهم.
قلت: وهل يوجد أمثال
هذا النوع من المستشرقين في هذه الجامعة؟
قاطعني، وقال: أجل..
وهم يتكاثرون كما يتكاثر النمل.. وقد عرفنا السر في ذلك التكاثر.
قلت: وما هو؟
قال: العلمانية.
ابتسمت، وقلت: وما
علاقة العلمانية بهذا؟.. ثم ألسنا في دولة علمانية؟
قال: العلمانية هي
فصل الدين عن الحياة وعن الدولة وعن الأخلاق..
قلت: أعلم ذلك.
قال: وهؤلاء فصلوا
الدين.. أو فصلوا اهتمامهم الديني وانتماءهم الديني عن دراساتهم