بعد أن تركني وسار،
حاولت أن أقترب أكثر من تلك الجموع لأرى ما لم أكن أرى، وأسمع ما لم أكن أسمع،
فرأيت، وسمعت ما ملأ نفسي بالغثاء..
لقد تخيلت نفسي في
حضيرة حيوانات لا هم لها إلا العلف الذي تعلفه، والحياة البهيمية التي لا تعيش إلا
من أجلها..
***
عند باب جامعة
السربون، رأيت رجلا لاح لي من مظهره أنه رجل دين، بل يظهر من مظهره أن له مكانة في
الكنيسة، ولكني تعجبت منه إذ رأيته يرمي صليبه الذي كان يطوق رقبته، ويرتمي على
الأرض ساجدا، يبلل الأرض بدموعه.
اقتربت منه لأسمع ما
يقول، واقترب جمع من الناس نحوه كما اقتربت.
كانت الدموع تحول دون
فهم الجمع لما يقول، فلذا تصوروه مجنونا، فانصرفوا عنه، أما أنا، فقد وعيت كل كلمة
نطق بها.
لقد كان يردد ما قاله
المسيح في إنجيل متى (15:7-17): (احترزوا من الأنبياء الكذبة يأتونكم بثياب الحملان الوديعة،
ولكنهم من الداخل ذئاب خاطفة.. من ثمارهم تعرفونهم، هل تجتنون من الشوك عنبا، أو
من الحسك تينا.. هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارا جيدة، وأما الشجرة الردية فتصنع
أثمارا ردية)
عندما قام من سجوده،
اقتربت منه، وحييته، وقلت: لقد رأيتك تفعل عجبا حيرني.. أنت