أما قومي، فلا حرج
عليكم أن تتخلفوا عنهم، لأنكم إن لحقتموهم لم تجدوا إلا السراب الذي يحسبه الظمآن
ماء، فإذا جاءه لم يجده شيئا.
هكذا قومي.. يلهثون
وراء السراب.. ويظلون يلهثون، ثم لا يجدون الماء العذب الذي يسقيهم، ويبل السغب
الذي يحرق أجوافهم.. لأن الماء لديكم أنتم.. أنتم وحدكم في هذه الأرض الذين تملكون
الماء العذب الذي يروي كل عطش.
قلت: ولكننا عطشى
مثلكم.. ونحن الذين ننحني أمام قومك ليسقونا.
قال: تلك غفلة دبت
إليكم.. وهي من الجرائم التي ارتكبها قومي نحوكم.
قلت: وما علاقة قومك
بذلك؟.. أراك تنسب إليهم كل فساد.
قال: منذ اليوم الأول
الذي نبتت فيه شجرة النبوة، وقومي يحاولون استئصالها، فلما لم يطيقوا حاولوا شنق
الثمار التي تنتجها.
قلت: لست أفهم سر
شجرة النبوة التي تتحدث عنها، وعلاقة قومي وقومك بها.
قال: كنت مثلك أجهل
هذه الشجرة.. ولا أعرف قيمتها إلى أن هداني الله إليها، فعرفتها، وعرفت المعاول
التي توجهت لتقطعها، والنيران التي توجهت لتحرقها.
قلت: فهل ستحدثني
حديثها؟
قال: أجل.. فلم أعاني
المشقات في رحلتي إليك إلا لأحدثك حديثها.. فهات قلمك ودواتك وقراطيسك لأحكيها لك.
***
بعد أن أكمل الغريب
فطوره، وحمد الله، وصلى على نبيه a مستغرقا في كل ذلك، ممتلئا