قلت: أنت تعلم أن المسيح كان معلم الحواريين مدة
إقامته بينهم، وكان مرشدا ومعزيا لهم ومدافعا عنهم حتى تعلقت قلوبهم به، وقد عرف
أن فراقه بسبب الموت سيحزنهم جدا.. وتحقق أنهم في حاجة إلى مساعدة سماوية لتقويتهم
وإرشادهم وتعزيتهم بعد فراقه.. لهذا كله سبق، فوعدهم بالروح القدس المعزى الآخر.
هذه هي علة هذه النبوءة..
بالإضافة إلى هذا، فإن هناك وجوها كثيرة تنفي
انطباق هذه البشارة على نبيكم:
منها أن الموعود به ليس ذا جسم، فهو روح الحق، لذلك
لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه، وهذا الوصف لا يصدق على محمد لأنه ذو
جسم، وقد رآه العالم مؤمنهم وكافرهم.
ومنها أن هذا الموعود جاء ليمكث مع الحواريين إلى
الأبد، وذلك لا يصدق على محمد، لأنه لم يأت في زمن الحواريين، ولم يمكث في العالم
أو معهم إلى الأبد.
ومنها أن الموعود به كان وقتئذ مع الحواريين فقد
قال: (لأنه ماكث معكم)، وهو لا يصدق