وقد استنبط أحد إخواننا المهتدين بنور الله، وهو
الشيخ زيادة من هذا النص دلالات كثيرة عليه (ص)، بل
لا تصح دلالته إلا عليه، بدليل قوله:(رافع آية للأمم)، ومحمد (ص) هو العلامة المرفوعة لسائر الأمم.
ومنها أن قوله: (من بلد بعيد)، إشارة إلى أن هذه
العلامة ترفع للأمم من خارج أرض بني إسرائيل، ويتضح ذلك من قوله بعده: من أقاصي
الأرض. فكأنه قال: إن أقصى أرض إسرائيل هي الأرض التي يخرج منها ذلك النبي.
ومنها نفى التعب والإعياء والنوم عن جيوشه، وإثبات
السرعة، وذلك برهان ظاهر على أن المراد بهذه النبوة محمدا (ص)، لأن الملائكة كانت تشارك في جيوشه، وهم الذين لا
ينامون ولا يسأمون.. كما أن نفي النوم عنه يدل على محمد (ص)، لأنه كان يقضي الليل في العبادة والذكر والصلاة،
حتى تورمت قدماه.
ومنها الشهادة لحوافر خيله بأنها مثل الصوان، وهو
مطابق لوصف الله لها في القرآن بقوله تعالى:﴿
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً فَالْمُورِيَاتِ قَدْحا﴾ (العاديات:1 ـ
2)، ولا يمكن أن تنطبق هذه البشارة على المسيح ، لأنه لم يكن له خيل.
زيادة على هذا، فإن قوله:(وأصفر لهم من أقاصي
الأرض، فيأتون سراعاً عجالاً) إشارة إلى النداء بالحج إلى بيت الله الحرام الوارد
في قوله تعالى:﴿
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ
يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ (الحج:27)،
والتعبير بالصفير عن النداء والأذان ليس ببعيد ولا مستغرب.
ومن هذه البشارات قول إشعياء في الفصل الخامس
مفسراً ما تقدم من نبواته:(إن الأمة التي