اجتمعت عليه مظالم وقد تاب عنها وعسر عليه استحلال أرباب المظالم فليكثر
من حسناته ليوم القصاص، ويسر ببعض الحسنات بينه وبين الله بكمال الإخلاص بحيث لا
يطلع عليه إلا الله، فعساه يقربه ذلك إلى الله تعالى، فينال به لطفه الذى ادخره
لأحبابه المؤمنين فى دفع مظالم العباد عنهم.
ما وصل المحامي من حديثه إلى هذا الموضع حتى صرخ
موكله صرخة عظيمة، ثم راح يلهث كما يلهث أصحابه بحثا عن مظالمه ليستحلها في الدنيا
قبل أن يطالب بها أهلها ببين يدي الله.
***
في ساحة تلك المحكمة العجيبة، شد انتباهي رجال يحملون
أوراقا وأقلاما، وبين أيديهم رجل يسألونه، فيجيبهم، فيكتبون كل ما يقول باهتمام
شديد.. سألت صاحبي عنه، فقال: هذا هو المدعي العام.. وهو يجيب الجناة عن الطريق
الذي يصححون به جناياتهم.
اقتربنا منه، فسمعت بعضهم يقول له: ما يفعل الجاني
قاتل النفوس ظلما ليصحح توبته؟
التفت إليه، وقال: إن جرى منه قتل خطأ فتوبته بتسليم
الدية ووصولها إلى المستحق، إما منه، أو من عائلته.. وإن كان عمداً موجباً للقصاص،
فبالقصاص، فإن لم يعرف فيجب عليه أن يتعرف عند ولي الدم، ويحكمه في روحه، فإن شاء
عفا عنه، وإن شاء قتله.. ولا تسقط عهدته إلا بهذا، ولا يجوز له الإخفاء..
سأله آخر: فما يفعل من تناول مالا بغصب أو خيانة أو
غبن في معاملة كترويج زائف، أو ستر عيب من المبيع أو نقص أجرة أجير أو منع أجرته؟
التفت إليه، وقال: يجب أن يفتش عنه أولا من حد بلوغه،
بل من أول مدة وجوده، فإن ما