يا هشام: لا دين لمن لا مروة له، ولا مروة لمن لا عقل
له، وإن أعظم الناس قدراً الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطراً، أما أن أبدانكم ليس لها
ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها..
يا هشام: إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل
من يخاف منعه، ولا يعد ما لا يقدر عليه ولا يرجو ما يعنف برجاءه، ولا يتقدم على ما
يخاف العجز عنه..
يا هشام: رحم الله من استحيا من الله حق الحياء، فحفظ
الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وذكر الموت والبلى، وعلم أن الجنة محفوفة بالمكاره،
والنار محفوفة بالشهوات.
يا هشام: من كف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته
يوم القيامة ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة.
يا هشام: إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه.
يا هشام: أصلح أيامك، الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو
وأعد له الجواب، فإنك موقوف ومسؤول، وخذ موعظتك من الدهر وأهله، فإن الدهر طويلة
قصيرة، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك، واعقل عن الله وانظر في تصرف
الدهر وأحواله، فإن ما هو آت من الدنيا، كما ولى منها، فاعتبر بها...
وقال علي بن الحسين: إن جميع ما طلعت عليه الشمس في
مشارق الأرض ومغاربها بحرها وبرها وسهلها وجبلها عند ولي من أولياء الله وأهل
المعرفة بحق الله كفيء الظلال...
ثم قال: ألا حر يدع هذه اللماظة لأهلها - يعني الدنيا
- فليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها، فإنه من رضي من الله بالدنيا
فقد رضي بالخسيس